للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان الجمل -وليس الحصان- هو الذي يذكر عند جمع الجزية التي كان يفرضها الفاتحون الآشوريون على العربي والعربية، فالملك الآشوري "تجلات بلاسر الثالث" "٧٤٥-٧٢٧ق. م" يفرض على الملكة "شمسي" جزية "جمالًا ونياقًا"١، وإن رأينا الخيل، بجوار الجمال، في الجزية التي قدمت للملك "سرجون الثاني" "٧٢٢-٧٠٥ق. م"٢، والذي جاء بعد سليمان "٩٦٠-٩٢٢ق. م" بأكثر من قرنين ونصف من الزمان، وفي جيش "إكزركسيس الأول" "٤٨٦-٤٦٥ق. م" الذي كان متجهًا إلى بلاد اليونان لفتحها، ظهر العرب يركبون جمالا٣، وأخيرًا، فلقد أنكر "سترابو" وجود الحصان في شبه الجزيرة العربية٤.

وأيًّا ما كان الأمر، فإن بيئة الصحراء ليست أمثل بيئة لتأقلم الخيل، فالعروض الجنوبية الحارة لا تلائمها، وهذا هو السبب في أن الخيل لا تسود في الصحراء، إلا في أقصى نطاقاتها شمالا، والسطح الرملي لا يلائم حوافر الخيل، ولذلك تميل الخيل في نطاقاتها إلى التركيز في صحراء الحمادة، أكثر منها في صحراء الأرج، كذلك يدفع الإنسان ثمن التأقلم باهظًا، فالخيل ليست حلوبًا بدرجة الإستبس، لفقر مراعي الصحراء، بل قد ينبغي إطعام الخيل بلبن الجمل، وبالحبوب المستوردة من بعيد، أو بالأسماك على السواحل، كما في منطقة الخليج العربي، كما ينبغي الاهتمام بها اهتمامًا خاصًّا٥، ربما كان اهتمامًا يفوق حد المعقول، وقد لاحظ "ألويس موسل" أن البدوي وذويه قد يبيتون على الطوى في سبيل توفير شيء من الحليب أو الحبوب، لفرس عندهم ذات فلوة٦.

وهكذا كان اقتناء الخيول هواية وكمالية، لا يقدر عليها إلا من كان على سعة من عيش، ولهذا تصبح سمة من سمات الأبهة والعظمة والتفاخر في المجتمع،


١ A.T. OLMSTEAD, HISTORY OF ASSYRIA, P.١٨٩
وكذا ANET, ١٩٦٦, P.٢٨٠
وكذا N. ABBOT, PRE-ISLAMIC ARAB QUEENS, IN AJSL, ٥٨, ١٩٤١, P.٤
٢ ANET, ١٩٦٦, P.٢٨٤. وكذا A.G. LIE, THE INSCRIPTION OF SARGON, II, P.٥
٣ فيليب حتي: تاريخ العرب -الجزء الأول، ص٢٥ "بيروت ١٩٦٥"،
وكذا HERODOTUS, VII, ٨٦, ٨
٤ STRABO, GEOGRAPHY, XVI, ٤, ٢, ٢٦. وكذا P.K. HITTI, OP. CIT., P.١٩-٢٠
٥ جمال حمدان: المرجع السابق ص٩٢.
٦ A.MUSIL, THE MANNERS AND CUSTOMS OF THE RWALA BEDOUINS,
P.٣٧٤-٥

<<  <   >  >>