للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في بلاد العرب١.

وجاء "سترابو" "٦٦ق. م-٢٤م" و"بليني" "٣٢-٧٩م"، فأكدوا ما ذهب إليه "هيرودوت" وأضافا إلى ذلك أن عدد العرب في عهدهما قد تضاعف على الضفة الغربية من البحر الأحمر، حتى شغلوا كل المنطقة بينه وبين نهر النيل من أعلى الصعيد، وكان لهم جمال ينقلون عليها التجارة والناس بين البحر الأحمر والنيل٢، بل إن "سترابو" قد وصف مدينة "قفط" جنوبي قنا، بأنها مدينة واقعة تحت حكم العرب، وبأن نصف سكانها من أولئك العرب٣.

وهكذا كانت بلاد العرب تقذف بالموجة تلو الأخرى إلى وادي النيل، عبر البحر الأحمر، وعن طريق سيناء والتي كانت منذ القدم قنطرة ثابتة مفتوحة للهجرات، التي كان من أهمها، "أولًا" قبائل كهلانية من عرب الجنوب، استقرت في الجزء الشمالي الشرقي من مصر في مطلع المسيحية، ومنها "ثانيًا" هجرة قبائل من "طيئ" -فرع كهلاني آخر من المجموعة الجنوبية- كان من أهمها قبيلتا لخم وجذام اللتان استقرتا في محافظة الشرقية، ومنها "ثالثًا" قبيلة "بلي" التي استقرت فيما بين قنا والقصير، وكان عليها الاعتماد في نقل التجارة الهندية، ومنها "رابعًا" هجرة بطون من "خزاعة" -وهم فرع من الأزد- خرجوا في الجاهلية إلى مصر والشام، بسبب قحط أصاب بلادهم، هذا فضلا عن الجماعات التي استقرت في شرق الدلتا قبل الإسلام٤.

وعلى أي حال، فليس لدينا كتابات جاهلية من ذلك النوع الذي يسميه المستشرقون "كتابات عربية شمالية"، غير نص واحد، ذلك النص الذي يعود


١ Ibid, P.٣٧١
٢ المقريزي: البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب، القاهرة ١٩٦١ ص٨٩، أحمد مختار عمر: تاريخ اللغة العربية في مصر، القاهرة ١٩٧٠ ص١٢-١٣.
٣ مصطفى كامل الشريف: عروبة مصر من قبائلها، القاهرة ١٩٦٥ ص٢٢، دائرة المعارف الإسلامية ٦/ ٤٨٠ "طبعة الشعب" وكذا انظر: Encyclopaedia Of Islam مادة Kibt ص٩٩١.
٤ أحمد مختار عمر: المرجع السابق ص١٢، وكذا
Abbass Ammar, The People Of Sharqiya, Cairo, ١٩٤٤, I, P.٢١-٢٤

<<  <   >  >>