للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء الإسلام، ونزل القرآن الكريم منجمًا في ثلاث وعشرين سنة في مكة والمدينة، فلم يرد فيه من الجذر "ع. ر. ب" إلا ثلاث صيغ "عُرُبًا" "جمع عَرُوب بفتح العين" نعتًا للمرأة المتحببة إلى زوجها في قوله تعالى: {عُرُبًا أَتْرَابًا} ١، ثم جاءت الصيغة "أعراب" عشر مرات وفي سورة مدنية فقط، منها ست مرات في سورة التوبة وحدها٢، ولا حاجة بنا إلى الاستشهاد على أن كلمة "أعراب" تدل في القرآن الكريم- كما تدل في غيره- على البدو٣.

وأخيرًا حسم القرآن الكريم الأمر نهائيًّا، فجاءت فيه كلمة "عربي" إحدى عشرة مرة -في سورة مدنية وأخرى مكية- جاءت عشر مرات نعتًا للغة التي نز ل بها القرآن الكريم٤، وجاءت مرة واحدة نعتًا لشخص الرسول الأعظم- صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ- يقول سبحانه وتعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} ٥، أي أقرآن أعجمي اللغة، ونبي عربي؟

وهكذا أصبحت كلمة "عرب" علمًا على العرب جميعًا، كما كان استعمال القرآن الكريم لها دليلا للشعراء على التعبير الذي لم يستطع "عنترة" أن يصل إليه، ومن هنا رأينا "كعب بن مالك" يقول في مولانا وجدنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-:

بدا لنا فاتبعناه نصدقه ... وكذبوه فكنا أسعد العرب

ثم رأينا "حسان بن ثابت" بعد ذلك يقرع "بني هذيل" لما اشترطوا على الحبيب


١ سورة الواقعة: آية٣٧.
٢ سورة التوبة: آية ٩٠، ٩٧- ٩٩، ١٠١-١٠٢، سورة الفتح: آية١١، سورة الحجرات آية ١٤. وانظر: تفسير الطبري ١٤/ ٤١٦-٤١٩، ٤٢٩-٤٣٤ "دار المعارف -١٩٥٨"، ٢٦/ ١٤٠-١٤١ "الحلبي ١٩٥٤"، تفسير الطبري ٢٦/ ٩٨-٩٩، تفسير الكشاف ٣/ ٥٧٠-٥٧١، تفسير ابن كثير ٧/ ٣٦٧-٣٦٨، تفسير القاسمي ١٥/ ٥٤٧٠-٥٤٧١.
٣ عمر فروخ: تاريخ الجاهلية ص٤١، وانظر: نهاية الأرب ١/ ١٢-١٥.
٤ انظر: سورة يوسف: آية ٢، والرعد: آية٣٧، والنحل: آية١٠٣، وطه: آية١١٣، والزمر: آية٢٨، وفصلت: آية٣، والشورى، آية٧، والزخرف: آية٣، والأحقاف: آية ١٢.
٥ سورة فصلت: آية٤٤، وانظر: تفسير الطبري ٢٤/ ٢٦-١٢٩، تفسير البيضاوي ٢/ ٣٥٠، تفسير القرطبي ١٥/ ٣٦٨-٣٧٠.

<<  <   >  >>