للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: "كل العرب من ولد إسماعيل بن إبراهيم، عليهما السلام"١.

ومنها "ثالثًا" أن هناك من يعتبر "قحطان" نفسه من ولد إسماعيل عليه السلام، اعتمادًا على أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مر بناس من "أسلم خزاعة" -وهم من قحطان- وكانوا يتناضلون، فقال: "ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميًا" ٢، ومن ثم فإن "ابن خلدون" يذهب إلى أن جميع العرب إنما هم من ولد إسماعيل عليه السلام؛ لأن عدنان وقحطان يستوعبان العرب العدنانية والقحطانية٣.

ومنها "رابعًا" أن ابن عباس، روى أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "انتسب فلما بلغ عدنان وقف، فقال كذب النسابون، كما روى ابن إسحاق- عن يزيد بن رومان -أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "استقامت نسبة الناس إلى عدنان"، فإذا صح هذان الحديثان الشريفان، فيمكننا القول أن عدنان هو القرم الأول للقبائل العربية، عدا من سماهم الكتاب العرب بالقبائل البائدة٤.

ومنها "خامسًا" أن الأخباريين عندما حاولوا كتابة أنساب العرب، إنما اعتمدوا إلى حد كبير على سلسلة الأنساب في التوراة، ومن ثم فقد رفعوا من نسل قحطان، فهم العرب العاربة، ونزلوا بنسب بني إسماعيل، فهم العرب المستعربة، أحدث نسبًا من غيرهم من القبائل البائدة والعاربة في نظر كتاب الجنوب، وبالتالي فهم أقل شأنًا من قبائل جنوب شبه الجزيرة العربية٥، وهكذا كان الكتاب المسلمون مروجين لنظرية التوراة في الأنساب، وجهلوا -أو تجاهلوا- أن التوراة إنما كتبت ذلك لترفع من شأن بني إسحاق على بني إسماعيل، ولتجعل منهم دون غيرهم الأمة المختارة، وسلسلة النسب المصطفاة، على بني إسماعيل بالذات، وجهلوا -أو تجاهلوا -أن الخليل، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ، إنما كان عربيًّا خالصًا، والأمر كذلك بالنسبة إلى ذريته من بني إسماعيل٦.


١ أبو عبد الله محمد بن سعد: الطبقات الكبرى، دار التحرير، القاهرة ١٩٦٨، الجزء الأول ص٢٥،
٢ الإكليل للهمداني ١/ ١٠٣-١٠٥.
٣ تاريخ ابن خلدون ٢/ ٢٤١-٢٤٢، نهاية الأرب للقلقشندي ص٣٩٦-٣٩٧، الإكليل ١/ ١٠٣-١٠٥، قارن، جواد علي ١/ ٤٨١-٤٨٢.
٤ عبد الرحمن الأنصاري: لمحات عن القبائل العربية البائدة ص٩٣-٩٤٣.
٥ نفس المرجع السابق ص٩٣.
٦ انظر: كتابنا "إسرائيل" ص١٦٠-٢١٤، وكذا كتابنا "دراسات في التاريخ القرآني"، الفصل الرابع.

<<  <   >  >>