للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله، تقوم قوة عظمى، قوة لم ينبغ لأحد مثلها من قبل في تلك الجزيرة، التي كان أمرها مفرقًا بين قوى متناحرة، وعشائر بعضها لبعض عدو، فإذا هي الآن -بهدي الإسلام وبنبوة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دولة موحدة، لها زعيم واحد، وقائد سياسي واحد، وقائد عسكري واحد، لا ينازعه سلطانه أحد، لأن سلطانه فوق مستوى البشر، فهو لسان السماء، وهو نبي الله، وكل في دولته مأمور بطاعته، كما يطيع الله، يفتديه بحياته، بل وتهون عليه حياته في سبيل ما يأمر به، تطلعًا إلى الجنة التي وعد الله المتقين من عباده، وأعدها للشهداء من المجاهدين، وهكذا أصبحت الجزيرة العربية دولة واحدة، تدين بدين واحد، وتعبد ربًّا واحدًا، لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير.

وهنا، ينتهي التاريخ العربي القديم، ويبدأ التاريخ العربي الإسلامي، لا، بل هنا يبدأ التاريخ الإسلامي، فما كان الإسلام أبدًا، للعرب خاصة، وإنما كان -وسوف يظل أبدًا- للناس كافة، و {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} ، أرسله ربه رحمة للعالمين، وختامًا لرسالات الأنبياء أجمعين، وهداية للناس -كل الناس- إلى سواء السبيل.

وبعد: فإن كان علي أن أتقدم بالشكر لكل من أسهم في هذه الدراسة بنصيب، فلعل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية -ممثلة في شخص مديرها معالي الأستاذ الجليل الدكتور عبد الله التركي، وأمينها العام ورئيس لجنة البحوث والنشر السابق بها، الزميل الكريم الأستاذ الفاضل عبد الله الشبل، ورئيس لجنة البحوث والنشر الحالي، الزميل الفاضل الأستاذ الدكتور عبد العزيز الربيعة- أول من يستحق الشكر، كما أن كلية العلوم الاجتماعية بها -ممثلة في شخص عميدها فضيلة الأساذ الجليل محمد عبد الله عرفة- تستحق مني كل تقدير، فإن كانت الأولى قد أتاحت الفرصة لهذه الدراسة في أن ترى النور - فإن الثانية قد أتاحت لي فرصة العمل في هذه الدراسة كأستاذ لمادة تاريخ الجزيرة العربية القديم طوال سنوات جامعية أربع. وأملي في الله كبير في أن تنال هذه الدراسة بعض الرضى.

{وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} .

دكتور: محمد بيومي مهران

أستاذ التاريخ القديم: كلية الآداب - جامعة الإسكندرية

<<  <   >  >>