للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صفوف قومه، وباركت أرضه، ووهبتها أمطارًا سالت في الأودية وساعدته على إنشاء السدود وحفر القنوات، لري الأرضين التي لم تصلها المياه، ومن ثم فقد نحر الذبائح وقدم القرابين للآلهة -الموقاة وعتثر وهوبس-.

وينتقل النص بعد ذلك إلى مجال السياسة والحروب، فيحدثنا كيف أن "كرب إيل وتار" قام بفتوحات كثيرة في البلاد المجاورة وانتصر على "سأد" و"نقبة"، وأحرق جميع مدن "معافر" وقهر "ضبر" و"ضلم" و"أروى" وأحرق مدنهم وقتل منهم ثلاثة آلاف وأسر ثمانية، وضاعف عليهم الجزية التي يدفعونها -ومن بينها البقر والماعز -هذا فضلا عن انتصاره على "ذبحان ذو قشر" وعلى "شرجب" وإحراق مدنهما، كما استولى على جبل "عسمة: و"وادي صير"، وجعلهما وقفًا للإله الموقاة، ولبني قومه من السبئيين١.

ولعل من أهم حروبه تلك التي استعر أوارها بينه وبين "أوسكان" "أوزان"، والتي كان من جرائها قتل ١٦ ألفًا، وأسر ٣٠ ألفًا من أوسان -وهي دويلة صغيرة قامت في جنوب بلاد العرب، ثم سرعان ما بدأت تنافس سبأ نفسها من ناحية، وحضرموت من ناحية أخرى، بعد أن ضمت إليها عددًا من الحلفاء مثل سعد ومعافر، وإقليم دثينة ودهس وتبنو، وسائر القبائل النازلة هناك شرقًا حتى حضرموت -وأما سبب تلك الحروب بين سبأ وأوسان، فيرجع إلى أن حضرموت وقتبان كانتا حليفتين لسبأ، فتقدم ملك أوسان واستولى عليهما، ومن ثم فقد وجد "كرب إيل وتار" نفسه مضطرًا لمناصرة حلفائه، وهكذا اتجه إلى أوسان وأعمل السيف فيها حتى أخضعها، والأمر كذلك بالنسبة إلى دهس وتبنو، حيث قتل منهم ألفًا وأسر خمسة آلاف، وأحرق كثيرًا من مدنهم، ثم ضمها إلى سبأ، ثم أعاد إلى الحضارمة والقتبانيين ما كان لهم من أملاك في أوسان٢.

واتجه "كرب إيل وتار" بعد ذلك إلى "معين"، وطبقًا لما جاء في "نقش صرواح"، فإن مدينة "نشان" "خربة السوداء" قد عارضت "كرب إيل وتار"


١ جواد علي ٢/ ٢٨٨.
٢ انظر: فؤاد حسنين: المرجع السابق ص٢٩١، أحمد فخري: المرجع السابق ص١٦٤، جواد علي ٢/ ٢٨٩-٢٩٠.

<<  <   >  >>