للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وناصبته العداء، ومن ثم أرسل إليها جيشًا نجح في إيقاع الهزيمة بها، كما نهب "عشر" و"بيجان" ومجاوراتها، إلا أن نشان سرعان ما أعلنت الثورة من جديد، غير أن ثورتها هذه لم يكتب لها نصيب من نجاح، فضرب الحصار على "نشق" قرابة أعوام ثلاثة، انتهت بضمها إلى سبأ، وسقط ألف قتيل من "نشان"، فضلا عن الاستيلاء على أراضيها الزراعية والسدود التي نظم الري فيها، إلى جانب إسكان السبئيين فيها، وبناء معبد للموقاة١.

ويتحدث نقش النصر بعد ذلك عن مدن "سبل" و"هرم" و"فنن"، وأن الملك "كرب إيل وتار" قد أرسل إليها جيشًا كتب له نصر مؤزر عليها، وأن ملوكها قد قتلوا في المعارك التي دارت رحاها بين جيشه وأهل تلك المدائن، كما سقط منهم ثلاثة آلاف قتيل، وأسر خمسة آلاف، وغنم السبئيون ٥٠ ألف رأس من الماشية، وفرضوا الجزية على أعدائهم، فضلا عن وضعهم تحت الحماية السبئية٢.

ويشير آخر النقش إلى حملة "كرب إيل وتار" على "نجران" فيحدثنا عن أهل "مه أمر"، "مهامر" و"مه أمرم" و"عوهب"، وكيف أن الملك السبئي قد هزمهم، وقتل منهم خمسة آلاف، كما أسر اثني عشر ألف طفل، وغنم اثني عشر رأس من الماشية، وأن "مه أمرم" قد أحرقت وصودرت مياهها، وفرضت الجزية على البقية من سكانها٣.

وأما الوجه الآخر من النقش، فيقدم لنا بيانًا بأعمال التحصينات التي قام بها "كرب إيل وتار" لتحصين مدن مملكته، كما يتحدث كذلك عن ممتلكات الملوك الذين دانوا لطاعته، وعن خزانات المياه التي أصلحها أو شيدها، وحدائق النخيل التي قام بغرسها.

وهكذا كانت حروب "كرب إيل وتار" فاتحة عهد جديد في تاريخ اليمن القديم، وأصبح مكرب ملكًا على اليمن بأكملها، بما في ذلك حضرموت ونجران،


١ جواد علي ٢/ ٢٩٢-٢٩٣، أحمد فخري: المرجع السابق ص١٦٤.
٢ جواد علي ٢/ ٢٩٣، وكذا H. Von Wissmann And M. Hofner, Op. Cit., P.٥٧f
٣ جواد علي ٢/ ٢٩٤.

<<  <   >  >>