للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما كان يسمى بالمحميات، واستمر ذلك الملك الواسع الكبير لسبأ عدة قرون١ إلا أن هذه الحروب من ناحية أخرى قد أضرت كثيرًا بمدن اليمن، فقد أحرق فيها "كرب إيل وتار" الكثير من المدن، كما قتل الكثير من أبنائها، مما أدى إلى تدهور الأحوال في اليمن، وفي بقية العربية الجنوبية، وإلى اندثار الكثير من الأماكن بسبب إحراقها، واهلاك سكانها٢.

بقيت كلمة أخيرة تتصل بمدينة "صرواح" -مقر الإله الموقاة، وعاصمة سبأ في تلك الفترة- وواحدة من أهم المدن السبئية لعدة قرون بعد ذلك- وتقع الآن في موضع "الخربة" و"صرواح الخريبة"، ما بين صنعاء ومأرب، هذا وقد تردد ذكرها في أشعار العرب، ويصفها الهمداني بأنها لا يقارن بها شيء من المحافد المختلفة، كما جمع الكثير من الشعر الجاهلي والإسلامي الذي ورد فيه اسمها٣، وفي هذا كله دلالة على أهمية تلك المدينة القديمة، وعلى تأثيرها في نفوس الناس تأثيرًا لم يستطع الزمن أن يمحوه بالرغم من أفول نجمها قبل الإسلام.

ويروي الأخباريون أنها حصن باليمن، وأن الجن قد بنوه لبلقيس ملكة سبأ بناء على أمر من سليمان عليه السلام٤، ولا ريب في أن هذا من نوع الأساطير التي لعب الخيال فيها دورًا كبيرًا، فضلا عن جهل فاضح بالتاريخ، إلى جانب أثر الإسرائيليات في إرجاع أي أثر لا يعرفون صاحبه إلى سليمان وإلى جن سليمان.

وتوجد المناطق الأثرية في صرواح في ثلاثة مناطق متقاربة، واحدة منها هي منطقة البناء "مكان السد القديم"، والثانية هي منطقة "القصر- وهي قرية حديثة البناء استخدموا في تشييد بعض منازلها أحجارًا من المعابد -أما الآثار الباقية المهمة


١ أحمد فخري: المرجع السابق ص١٦٤.
٢ جواد علي ٢/ ٢٩٩.
٣ أحمد فخري: المرجع السابق ص١٦٠، الهمداني، صفة جزيرة العرب ص١٠٢، ١١٠، ٢٠٣، الإكليل ٨/ ٤٥، ٧٥، ١٠/ ٢٢، ٢٤، ٢٦، ٣٩، ١١٠، منتخبات ص٦٠.
٤ الهمداني: صفة جزيرة العرب ص١٠٢، ١١٠، ٢٠٣، الإكليل ٨/ ٢٤ وما بعدها، اللسان ٣/ ٣٤٣، ياقوت ٥/ ٤٠٢.

<<  <   >  >>