للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بوجود هجرة يهودية إلى بلاد العرب منذ تلك الفترة١.

غير أن حملات البابليين المتكررة بعد ذلك على شمال بلاد العرب، فضلا عن استقرار "نبونيد" في تيماء، ولمدة قد تقرب من سنوات عشر، كما أشرنا من قبل، قد يضعف هذا الاتجاه، ورغم أن هناك من يذهب إلى أن حملة نبونيد على بلاد العرب، قد ضمت بين رجالها بعضًا من يهود، وأن هذا النفر من يهود، إنما أقاموا في شمال الحجاز -وحتى يثرب- إقامة دائمة استمرت حتى ظهور الإسلام، فإن العاهل البابلي لم يشر أبدًا إلى عناصر يهودية في جيوشه، أو أنه قد أسكن يهود في تلك المناطق، كما أننا لا نملك من الأدلة ما يؤيد وجهة النظر هذه٢.

وهناك فريق خامس يذهب إلى أن وجود اليهود في يثرب إنما يرجع إلى القرنين الأول والثاني بعد الميلاد، وليس من شك في أن الأدلة التاريخية، إنما هي في جانب هذا الاتجاه أكثر من غيره، ولعل من أهم هذه الأدلة أن الظروف السياسية التي كانت يهود تمر بها في تلك الفترة -بعد أن نجح الرومان في السيطرة على سورية ومصر في القرن الأول ق. م، وعلى يهودية ودولة الأنباط في القرن الثاني بعد الميلاد -قد ساعدت هذه الظروف على هجرة أعداد من يهود إلى شبه الجزيرة العربية، التي ساعدت هذه الظروف على هجرة أعداد من يهود إلى شبه الجزيرة العربية، التي كانت بعيدة عن السيطرة الرومانية، فضلا عن أن بلاد العرب إنما كانت ما تزال في بداوة تشبه ما كان عليه اليهود إلى حد ما، هذا إلى أن اليهود أنفسهم إنما كانوا ينظرون إلى العرب على أنهم من ولد إسماعيل، وبما أنهم -أي اليهود- من ولد إسحاق، فهم جميعًا إذن من نسل إبراهيم الخليل عليه السلام، وبالتالي فهم من ذوي رحمهم، ولهم بهم صلة من قربى، هذا فضلا عن أن أمر هروب اليهود إلى أعالي الحجاز ودخولهم إليه أمر سهل ميسور، فالأرض واحدة وهي متصلة، والطرق مفتوحة مطروقة، ولا يوجد مانع يمنع اليهود، أو غير اليهود، من دخول الحجاز، ولا سيما أن اليهود كانوا خائفين، فارين بأنفسهم من فتك الرومان، وأقرب مكان مأمون إليهم هو الحجاز٣.


١ إسرائيل ولفنسون: تاريخ اليهود في بلاد العرب ص٦، وكذا A. Guillaume, Op. Cit., P.١١
٢ جواد علي ٦/ ٥١٣.
٣ جواد علي ٦/ ٥١٤، وكذا F. Altheim And R. Stiehl, Op. Cit., Ii, P.٧٤
وكذا O'leary, Op. Cit., P.١٧٣

<<  <   >  >>