للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يرى الدكتور إسرائيل ولفنسون أن أخلاق العرب تتعارض وقصة الفيطون، وهو أمر لا نشك فيه لحظة واحدة، وأن اليهود لم يكن لهم ملوك في يثرب، وتلك حقيقة أخرى نوافقه عليها تمامًا، كما نوافقه كذلك على أن قصة الفيطون تشبه إلى حد كبير قصة طسم وجديس -كما رواها الطبري- وعلى أن يهود كانوا أصحاب دين سماوي ينهاهم عن الفحشاء والمنكر والبغي.

غير أننا نختلف معه تمامًا أنه ليس من المعقول أن يرتكب ملك يهودي ما يناقض روح التوراة، دون أن يجد مقاومة عنيفة من اليهود أنفسهم، وسوف نحتكم إلى التوراة نفسها التي يحتج بها الدكتور ولفنسون، لنرى رأيها فيما تعرض له ولن نلجأ إلى الغزل المكشوف فيها، الذي ينتمي إلى مدرسة "عمر بن أبي ربيعة" وإلى كل مدرسة غزلية إباحية لا تهتم إلا بالجسد وحده١، كما أننا لن نلجأ إلى ما جاء في التوراة -المتداولة حاليًّا- من تهم بذيئة ألصقتها بالمصطفين الأخيار، والتي تتصل بمثل هذه الأمور٢، ولكننا سوف نقدم بعض الأدلة المحدودة.

تقول توراة اليهود -المتداولة اليوم، وليست توراة موسى بالتأكيد- أن راؤبين بكر إسرائيل، قد زنى ببلهة، زوج أبيه يعقوب وأم أخويه دان ونفتالي٣، ولم تحدثنا التوراة عما فعل يعقوب وبنوه إزاء تلك الجريمة النكراء، حتى أننا لا ندري سببًا مقبولا أو غير مقبول لسكوتها، هذا إلى جانب مأساة أخرى تسجلها توراة اليهود -ولا أقول توراة موسى- تذهب فيها إلى أن يهوذا- رابع أبناء يعقوب- قد زنى بزوجة ابنه "ثامارا"٤، وموقف التوراة هنا، هو موقفها في القصة الأولى، رغم أن نصوصها صريحة، في أنه "إذا اضطجع رجل من امرأة


١ ول ديورانت: المرجع السابق ص٣٨٨، حبيب سعد: المدخل إلى الكتاب المقدس ص١٤٥، ١٥٥، عبده الراجحي: الشخصية الإسرائيلية ص٦١، كتابنا إسرائيل ص١٣٤-١٣٨، التوراة: سفر الإنشاد "انظر جميع إصحاحات السفر".
٢ كتابنا إسرائيل ص٦٩-٨٧، ف. ب.ماير: حياة إبراهيم ص٦٥٠٢٢١، القس عبد المسيح عبد النور: إبراهيم السائح الروحي ص٢٦، وانظر ي التوراة، سفر التكوين، صموئيل ثان، ملوك أول.
٣ التوراة: سفر التكوين ٣٥/ ٢٢، كتابنا إسرائيل ص٧٦=٧٧.
٤ التوراة: سفر التكوين ٣٧: ١٢-٣٠.

<<  <   >  >>