داود، و"بتشبع" امرأة أوريا الحيثي، وكيف تصور توراة قومه النبي الأواب، وقد قضى منها وطره، ثم دبر أمر قتل زوجها في ميدان القتال، ثم ضمها آخر الأمر إلى حريمه١.
هذه أمثلة عن رأي التوراة فيما تعرض له "ولفنسون"، وهو رأي لا يسر على أي حال، ونحن نؤمن -الإيمان كل الإيمان- أن هذه الأكاذيب قد دستها طغمة باغية من يهود، ومن ثم فقد لعبت أصابع التحريف بتوراة موسى عليه السلام، وبالتالي فقد بعدت نسبتها إليه، فضلا عن أن تكون من لدن عَلِيٍّ قدير، فَجَلَّ اللهُ عما يقول المبطلون من بني إسرائيل ويفتري الظالمون من يهود، ومن ثم -والحال كما قدمنا، وفيها من النصوص ما رأينا -فلا يصح أن يتخذ منها "ولفنسون"، دليلا على أن من يرتكب جريمة تناقض روح التوراة، لن يجد من يهود، إلا كل المقاومة، وكل الإنكار، وانطلاقًا من هذا، فإن كذب رواية الفيطون، ليس لأن مرتكبها، يؤمن باليهودية ويقرأ التوراة، وإنما كذبها -فيما أرى- لأنها لم تحدث أصلا، وما أكثر ما ارتكب اليهود من جرائم يندى لها جبين الإنسانية، فضلا عن الشرف والكرامة.
ثم هناك التلمود -وهو في نظر اليهود يقف على قدم المساواة مع التوراة- يرى أن اليهودي إذا اعتدى على عرض الأجنبية لا يعاقب، لأن كل عقد نكاح- فيما يرى التلمود- عند الأجانب "أي الأمميين" فاسد؛ وذلك لأن المرأة غير اليهودية، إنما تعتبر بهيمة، والعقد لا يصح بين البهائم، ومن ثم فلليهودي الحق في اغتصاب
١ أخطأ بعض المفسرين خطأ كبيرًا، عندما فسروا ما في سورة ص "آية ٢١-٢٥" عن داود والخصمين اللذين اختصما إليه على النحو الذي جاء في التوراة، مع أن العبارة التي ذكرت بها القصة في القرآن الكريم لا تدل صراحة على شيء من ذلك، ومن هنا ختمت هذه الآيات الكريمة بقوله تعالى: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} ، ولا يمكن أن يكون هذا للزناة القتلة، ولهذا يروى عن الإمام علي -كرم الله وجهه- أنه قال: "لو سمعت رجلا يذكر أن داود عليه السلام قارف من تلك المرأة محرمًا، لجلدته ستين ومائة؛ لأن حد قاذف الناس ثمانون، وحد قاذف الأنبياء ستون ومائة"، "بل إن ابن العربي يرى أن من قال إن نبيًّا زنى فإنه يقتل" "انظر: تفسير القرطبي ص٥٦٢٥ "طبعة الشعب"، تفسير النسفي ٤/ ٢٩-٣٠، تفسير ابن كثير ٤/ ٣٠-٣١، تفسير الخازن ٦/ ٣٨-٤٢، تفسير الطبري ٢٣/ ١٤١-١٥٢، تفسير البيضاوي ٢/ ٣٠٧-٣١٠، تفسير روح المعاني ٢٣/ ١٧٣-١٩٠، تفسير مقاتل ٣/ ١٢٦٦-١٢٦٨، تفسير الفخر الرازي ٢٦/ ١٨٨-١٩٨، تفسير الجلالين "نسخة على هامش البيضاوي" ٢/ ٢٠٧-٣١٠".