للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واللجاة وسيناء والجوف واليمن ومصر وإيطاليا- اهتم العلماء بدراستها ونشرها١.

وعلى أي حال، فيمكننا القول أن مملكة الأنباط قد وصلت إلى أوج مجدها على أيام "الحارث الرابع" "٩ق. م-٤٠م"، وأنها كانت تشمل منطقة واسعة تضم دمشق وسهل البقاع، والأقسام الجنوبية الشرقية من فلسطين، وحوران وأدوم، ومدن العلا وسواحل البحر الأحمر، وبعبارة أخرى، فإنها كانت تضم جنوبي فلسطين وشرق الأردن وسورية الجنوبية الشرقية وشمالي شبه الجزيرة العربية، وأن القسم السوري منها إنما كانت تفصله عن قسم شرقي الأردن منطقة "اتحاد الديكابولس"٢، وأن وادي السرحان كان يربط ما بين القسمين، وأخيرًا فهناك ما يشير إلى وجود آثار للأنباط في الأقسام الشرقية من دلتا النيل٣.

وقد ظهر الأنباط لأول مرة في القرن السادس قبل الميلاد، كقبائل بدوية في الصحراء الواقعة شرقي الأردن، ثم استمروا كذلك حتى القرن الرابع ق. م، رحلا يعيشون في خيام، ويتكلمون العربية ويكرهون الخمر، ولا يهتمون كثيرًا بالزراعة، وفي القرن التالي تركوا حياة الرعي، واتبعوا حياة الاستقرار، وعملوا في الزراعة والتجارة، وفي أواخر القرن الثاني قبل الميلاد تحولوا إلى مجتمع منظم جدًّا متقدم في الحضارة ومتصل بالتطور والترف، وكان مثالهم هذا مثالا آخر٤ يوضح الحادث الذي كان يتكرر في تاريخ الشرق الأدنى القديم، وهو تحول الرعاة إلى مزارعين ثم إلى تجار في بلاد قليلة الموارد، ولكنها حسنة الموقع بالنسبة إلى تجارة


١ A. Musil, Arabia Deserta, P.٤٧١
٢ اتحاد الديكابولس: أو "حلف المدن العشر"، والذي تبدأ حيث يتصل مرج ابن عامر بوادي الأردن، ثم تمتد نحو الشرق، وكانت هذه المدن التي كانت تسيطر على تلك المنطقة هي "بيت شان" "بيسان" وبيلا وديون "تل الأشعري" وجرش وفيلادلفيا "ربة عمان= عمان الحالية" وجدرة ورافانا "الرافة في حوران وكناثا "القنوات" وهيبوس "قلعة الحصن جنبو شرق بحيرة طبرية" ودمشق، وقد أضيفت إليها مدن أخرى بعد ذلك، فأصبح العدد ثمانية عشر "فيليب حتى: تاريخ سورية ولبنان وفلسطين ص٣٥٠-٣٥١، حسن ظاظا: المرجع السابق ص١١٤، وكذا Pliny, V, ١٦"
٣ فيليب حتى: المرجع السابق ص٤٢٢، جواد علي ٣/ ١٥.
وكذا CLERMONT Ganneau, Les Nabatiens En Egypt, In Recveil D'arc:Eol
Ei, ٣, P.٨٠١. وكذا Orientale, Ii, P.٢٢٩
٤ المثال الأول هو العبرانيون، انظر: فيليب حتى: المرجع السابق ص٢٢١، وكذا كتابنا إسرائيل

<<  <   >  >>