للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القوافل التي عوضت قلة مواردها الطبيعية١.

وأما أقدم ما وصلنا من أخبار عن الأنباط، فإنما يرجع إلى عام ٣١٢ق. م، حيث يسجل هذا العام انتصار الأنباط على قوات "أنتيجونوس"، ذلك أن "ديودور الصقلي" يروي أن "أنتيجونوس" الذي خلف الإسكندر المقدوني "٣٥٦-٣٢٢ق. م" في سورية٢، قد أغار على "البتراء" في عام ٣١٢ق. م، بسبب موالاة النبط لـ "بطليموس الأول" "٣٢٢-٢٨٣ق. م"، ومن ثم فقد أعد حملة تحت قيادة صديقه "أثنيوس"، من أربعة آلاف من المشاة وستمائة فارس، ليجبرهم على التحالف معه ضد "بطليموس"، ونجح "أثنيوس" في أن يخفي أمر حملته، وأن يسير إلى البتراء عن طريق أدوم، وأن يباغتها ليلا، والناس نيام، فضلا عن غياب حراسها من الشباب والرجال الأشداء في سوق لهم، ومن ثم فقد كتب له النجح عليها، ونهب ما استطاع من بخور وتوابل وطيب وفضة، إلا أن الأنباط سرعان ما علموا بالأمر، فطاردوا الغزاة ذات ليلة كانوا يستريحون فيها من وعثاء السفر ومشقة الطريق، وأعملوا السيف فيهم، حتى قضوا عليهم، إلا خمسين فارسا هربوا بسلام، وإن أصيبوا بجراح من سيوف الأنباط، ويعلل "ديودور" ذلك الفشل الذي منيت به الحملة، بأن رجالها ما كانوا يتوقعون أن أن يطاردهم الأنباط بهذه السرعة، ومن ثم فقد أهملوا الحراسة، وكانت المأساة٣.

وعاد الأنباط إلى البتراء، وكتبوا رسالة بالسريانية٤ إلى "أنتيجونوس"


١ فيليب حتى: المرجع السابق ص٤١٧.
٢ انظر عن الظروف التي أحاطت بدولة الإسكندرية عقب وفاته في بابل في ١٣ يونية ٣٢٣ق. م، وتقسيم إمبراطوريته بين قواده "إبراهيم نصحي: تاريخ الحضارة المصرية- العصر اليوناني الروماني ص٤-٨، تاريخ مصر في عصر البطالمة ٢/ ٤٥ وما بعدها، لطفي عبد الوهاب: دراسات في تاريخ مصر ١/ ٨٥-٩٤، مصطفى العبادي: مصر من الإسكندر حتى الفتح العربي ص٢٨-٤٤، و. و.تارن: الإسكندر الأكبر ص١٨٥".
٣ A.B.W. KENNEDY, OP. CIT., P.٣. وكذا J.HASTINGS, ERE, ٩, P.١٢١
وكذا EI, ٣, P.٨٠١. وكذا F. ALTHEIM AND R. STIEHL, OP. CIT., P.٣٣
٤ اللغة السريانية: لهجة أرامية قديمة نشأت في إقليم الرها "أديسا عند الرومان، وأرفا الحالية، في جنوب شرق تركيا، قريبًا من الحدود السورية"، وقد بدأت لغة الرها الأرامية هذه تسمى "السريانية" بعد انتشار المسيحية، تمييزا لها عن الآراميات الوثنية أو اليهودية، لا سيما أن لفظ آرامي كان قد اتخذ في أذهان العامة في هذا الإقليم مدلولا يشبه لفظ "جاهلي" عند المسلمين، أي لا يؤمن ويعبد الأصنام وهكذا أصبحت السريانية -لغة أديسا- لغة الكنائس في سورية ولبنان وبلاد الرافدين، فيما بين القرنين، الثالث والثالث عشر الميلادي، ومن ثم فقد أصبح المسيحيون الآراميون يعرفون باسم "سوريين" تمييزًا لهم عن بني جنسهم الوثنيين، ثم سرعان ما استعملت التعابير اليونانية، وهي "سوري" بالنسبة للشعب، و"سرياني" بالنسبة إلى اللغة "انظر: فيليب حتى: المرجع السابق ص١٨٤-١٨٥، حسن ظاظا: المرجع السابق ص١١٨-١١٩".

<<  <   >  >>