للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"Antigonus" يحملون فيها قائده وزر ما حدث، ويرد عليهم الرجل ردًّا مرضيًا، أن ما حدث إنما كان بغير علم منه، وأن قائده قد تصرف برأيه، ثم يختم رسالته بإعلان صداقته لهم، بينما كان في واقع الأمر، إنما يعد لجولة جديدة، قد يهيئ لها من الأسباب ما يكفل له النجاح، وهكذا ما أمضى طويل وقت، حتى يرسل إليهم ولده "ديمتريوس" على رأس حملة قوامها أربعة آلاف من الفرسان، ومثلهم من المشاة، ويبدو أن الأنباط إنما كانوا يتوقعون الخيانة من "أنتيجونوس"، ومن ثم فقد كانوا في حيطة من أمرهم، فأمنوا أموالهم في مواضع حصينة لا تصل إليها أيدي الطغاة الطامعين، ثم تفرقوا في الصحراء، وهكذا ما أن وصل "ديمتريوس" إلى الصخرة "أم البيارة" حتى هاجمها بعنف وشراسة، إلا أن محاولته هذه لم يكتب لها نصيب من نجاح، ومن ثم فقد عاد بخفي حنين، قانعا بما قدم إليه الأنباط من هدايا١.

ويبدو أن علاقة الأنباط بالبطالمة بدأت تتدهور على أيام "بطليموس الثاني" "٢٨٤-٢٤٦ق. م" ذلك أن الرجل قد بدأ يفكر في احتكار التجارة البحرية والسيطرة على البحر الأحمر، ومن ثم فقد أمر بإعادة فتح القناة القديمة التي كانت تصل النيل بالبحر الأحمر٢، وهو المشروع الذي طالما فكر المصريون في تنفيذه على أيام الدولة الحديثة "١٥٧٥-١٠٨٧ق. م"، ثم على أيام "نخاو الثاني" "٦١٠-٥٩٥ق. م" الذي تخلى عنه فجأة، لأن نبوءة جاءت من "بوتو" تقول أن القناة ليست في مصلحة مصر، وأنه لن يستفيد منها إلا الأجانب٣، وهو نفس


١ جواد علي ٣/ ١٩-٢٠ صالح العلي: محاضرات في تاريخ العرب١/ ٣٧
وكذا A.B.W. KENNEDY, OP. CIT., P.٣١
وكذا F. ALTHEIM AND R. STIEHL, OP. CIT., P.٣٢
٢ دائرة المعارف الإسلامية ٦/ ٤٨٠، إبراهيم نصحي: دراسات في تاريخ مصر ص١٢٤.
٣ G. POSENER, LE CANAL DU NIL A LA MER ROUGE, IN CHRONIQUE D'EGYPT, ٢٦, P.٢٧٢

<<  <   >  >>