للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ملوك الأنباط، وإن اختلف المؤرخون في فترة حكمه، فهي في الفترة "٨٧-٦٢ق. م" على رأي، وفي الفترة "٨٥-٦٠ق. م" على رأي آخر١، إلا أنه مما لا شك فيه أن عهده قد اقترن بفتوحات واسعة، بدأت باستيلائه على دمشق، وعلى سهل البقاع في حوالي ٨٥ق. م، وذلك بناء على دعوة تلقاها من سكان المدينة العريقة -وكانت عاصمة السلوقيين وقت ذاك- لإنقاذهم من هجوم "الأيتوريين"٢ الذين كانوا يطمعون في الاستيلاء عليها، ومن ثم فقد أطلق عليه القوم، "محب اليونانيين وحاميهم"٣.

وكان الحارث قد بدأ يستغل ضعف السلوقيين في مصلحته، ومن ثم فقد اهتبل فرصة هجوم "أنطيوخس الثاني عشر" "٨٨-٨٤ق. م" على بلاده، ولقنه درسا قاسيا عند "Kana" عند ساحل "يافا" في عام ٨٥/ ٨٦ق. م "أو في عام ٨٤/ ٨٣ق. م" قضى فيها على معظم جيشه٤.

وهكذا استطاع الحارث الثالث أن يوطد حكمه في الداخل، وأن يفرض نفوذه في الخارج، وقد واتته فرصة نادرة بعد استيلائه على دمشق، وذلك حين انضم إلى جيشه فريق من رجال الحرب اليونان، وقد عمل الحارث على الإفادة منهم في تنظيم جيشه وتدريبه، بل وتحويله من جيش يعتمد على رجال من الأعراب، يخوضون المعارك بروح من البداوة التي لا تقبل الخضوع للأوامر والنظم العسكرية، وتهتم أول ما تهتم بالغنائم والأسلاب، إلى جيش نظامي مدرب، كان الدعامة الأساسية في فرض نفوذه في الخارج، فضلا عن أن الرجل قد نجح بقوة هذا الجيش في أن يصبح أقوى حاكم عرفته بلاد الأنباط حتى يومه، ومن ثم فقد بدأ الحارث


١ جواد علي ٣/ ٢٩، وكذا E. SCHRADER, OP. CIT., P.١٥٣
٢ الإيتوريون: من أصل عربي، ولغتهم آرامية، وهم "يطور" في التوراة "انظر: نكوين ٢٥: ١٥، أخبار أيام أول ١/ ٣١، فيليب حتى: المرجع السابق ص٢٦٩".
٣ جواد علي ٣/ ٣٠، وكذا A. KAMMERER, OP. CIT., P.٥١٥
وكذا R. DUSSAUD, LA PENETRATION DES ARABES EN SYRIE AVANT L'ISLAM, PARIS, ١٩٥٥, P.٥٥
٤ فيليب حتى: المرجع السابق ص٢٧٠-٢٧١، جواد علي ٣/ ٢٩-٣٠
وكذا CAH, ٩, P.٤٠٠ وكذا J. HASTINGS, OP. CIT., P.١٤٧
وكذا Josephus, The Jewish War, I, Iv, ٧-٨, Antiquities, Xiii, ١٥, ٢

<<  <   >  >>