للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأن ذلك إنما كان في الفترة "٦٢ق. م"١.

وأيًّا ما الأمر، فإن التاريخ يحدثنا أن الأنواء قد عصفت بسفينة الأنباط على أيامه، ولم يكن ذلك بسبب يتصل بالرجل، بقدر ما كان يتصل بالتغييرات التي حدثت في "يهوذا"، ذلك أن الرومان كانوا قد عهدوا بأمور الشرق إلى "مارك أنطونيو" "٤-٣٦ق. م" الذي عمل على القضاء على سلطة المكابيين، وإقامة سلطة أخرى من الأدوميين على رأسها "هيركانوس" إلا أن زمام الأمور إنما كان بيد "انتيباتر"، وما جاء عام ٣٧ق. م، حتى أصبح "هيرودوس" بن "انتيباتر" ملكًا على أورشليم، واستمر كذلك حتى عام ٤ق. م، وبعد نحو عامين من مولد السيد المسيح عليه السلام، الذي رأى العلماء أنه كان حوالي ٦-٢ق. م" إلا أن "هيرودوس" كان طوال تلك الفترة أداة طيعة في أيدي الرومان الذين نصبوه ملكًا على اليهودية٢.

وفي تلك الأثناء كانت العلاقات بين الروم والنبط قد تدهورت إلى حد كبير، ربما بسبب امتناع الأنباط عن دفع الجزية للرومان، وربما لأن النبط قد وقفوا إلى جانب الفرس عندما أرادوا الاستيلاء على فلسطين، وأيًّا ما كان السبب، فإن الروم، -وقد انتصروا على الفرس- بدءوا يتجهون نحو النبط، ومن ثم فقد أجبروهم حوالي عام ٤٠ق. م، على دفع جزية كبيرة، ثم زاد الموقف تعقيد عندما منح "مارك أنطونيو" جزءًا كبيرًا من فينيقيا وسورية، فضلا عن بلاد الأنباط، إلى "كيلوبترا" ملكة مصر، جزءًا كبيرًا من فينيقيا وسورية، فضلا عن بلاد الأنباط، إلى "كيلوبترا" ملكة مصر، كما بايع ولده منها -ويدعى بطليموس- ملكًا على سورية، وهكذا أصبحت "كليوبترا" صاحبة الحق في جزية الرومان من الأنباط، غير أن النبط قد امتنعوا عن دفع الجزية لملكة مصر، ومن ثم فقد طلبت كليوبترا من مارك أنطونيو الإسراع في تأديب الأنباط.

وكانت سياسة "كيلوبترا" تهدف إلى السيطرة على بلاد العرب الشمالية، فضلا عما منحه إياها "أنطونيو" من أجزاء في فينيقيا وسورية، ومن ثم فقد أرادت


١ فيليب حتى: المرجع السابق ص٤٢٠ وكذا J. Hastings, Ere, ٩, P.١٢١
٢ فيليب حتى: المرجع السابق ص٣١١-٣١٢ جواد علي ٣/ ٣٥-٣٦
وكذا Josephus, Antquities, Xiv, ٨, ٣, ٥, Xv, ٦, ٤, The Jewish War, I, Xiii, ٨

<<  <   >  >>