للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التي بناها سليمان، ليست هي "ثامار"، وإنما "تدمر" والتي كانت مدينة عامرة، بسكانها، وذات شهرة في مجاوراتها فيما بين عامي ٣٠٠، ٢٠٠ق. م١.

وأما الاسم اليوناني للمدينة فهو "بالميرا Paimya"، وهي ترجمة لكلمة "ثامار" العبرية، وتعني مدينة النخيل، وإن كان هناك من يرى أن كلمة "Paimyra" من كلمة "Paima" بمعنى النخل حتى الآن في بعض اللغات الأوربية، وأن الإسكندر المقدوني هو الذي أطلق عليها اسم "Paimyra" بعد أن استولى عليها، بسبب ما يكتنفها من غابات النخيل، ومن ثم فقد عرفت عند اليونان واللاتين بهذا الاسم، وهو رأي لا يزال بعد في مرحلة التخمين، ويحتاج إلى ما يدعمه من أدلة وبراهين٢.

وهناك ما يشير إلى وجود نفوذ سلوقي في تدمر، وربما كانت من نصيب السلوقيين بعد وفاة الإسكندر الأكبر في عام ٣٢٣ق. م، وتقسيم امبراطوريته بين قواده، وعلى أي حال، فهناك حصن سلوقي في المدينة، وربما أقيم في عام ٢٨٠ق. م، كواحد من سلسلة الحصون التي أقامها القوم في المناطق الإستراتيجية التي خضعت لهم٣.

أما الروايات العربية فلا تفيد علما، ولا تصلح أن تكون دليلان فهي روايات متأخرة دخلت إلى المسلمين من أهل الكتاب، فأخذوها بغير تحقيق ولا تدقيق٤، فضلا عن أن ضخامة آثار المدينة وعظمتها، ربما أدهشتهم، ومن ثم فقد نسبوا بناءها إلى الجن بأمر من سليمان عليه السلام٥، على أن "ياقوت الحموي" إنما يستبعد نسبة تدمر إلى سليمان، معللا ذلك بأن أهلها إنما يزعمون أنها ترجع إلى ما قبل عهد سليمان، بفترة تقارب ما بيننا وبينه، وأن الناس إذا ما رأوا بناء عجيبا جهلوا بانيه، أضافوه إلى سليمان وإلى الجن٦.


١ جواد علي ٣/ ٧٨، وكذا F. ALTHEIM AND R. STIEHL, OP. CIT., P.٣٤٤
وكذا J. HASTINGS, OP. CIT., P.٨٨٩
٢ عباس العقاد: الثقافة العربية أسبق من ثقافة اليونان والعبريين ص٢٢، وكذا EI, III, P.١٠٢٠
٣ جواد علي ٣/ ٨٥، وكذا FREYA STERK, ROME ON THE EUPHRATES, ١٩٦٧, P.٢٤٢
٤ جواد علي ٣/ ٧٨
٥ فيليب حتى: المرجع السابق ص٤٣٣، بلوغ الأرب ١/ ٢٠٩-٢١٠، ياقوت ٢/ ١٧-١٩، البكري ١/ ٣٠٦-٣٠٧، صحيح الأخبار ٢/ ٦-٧، قارن: مروج الذهب ٢/ ٢٤٤-٢٤٥.
٦ ياقوت ٢/ ٢٧، قارن: الأخبار الطوال ص٢٠.

<<  <   >  >>