للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تجعل موت المنذر في هذا المكان قريبا من "قنسرين"١.

ولعل هذه المعركة هي التي عرفت في أخبار العرب بـ"يوم حليمة"؛ ذلك لأن حليمة بنت الحارث هذه -طبقا للرواية العربية- كانت تحرض الرجال على القتال، أو لأن أباها قد أعلن أنها سوف تكون زوجة لمن يقتل المنذر، أو لأنها كانت قد أقبلت على مائة من المحاربين تطيب أجسامهم وتلبسهم الأكفان والدروع٢، وأيا ما كان الأمر، فهناك ما يشير إلى شهرة هذا اليوم من بين أيام العرب في الجاهلية، فقد جاء ذكره في شعر النابغة الذبياني، كما جاء في الأمثال، "ما يوم حليمة بسر"٣، وإن كان "نولدكه" إنما يذهب إلى أن "حليمة" هذا، إنما هو اسم مكان، وليس اسما لامرأة، هي ابنة الحارث -طبقا لرواية الأخباريين- كما أنه لا يفرق بين المواضع والمعارك التي دارت في "الحيار" و"ذات الخيار" و"يوم الحيارين"، التي ترددت في كتب التاريخ والشعر العربي، كما أنه يرى أنها جميعا، إنما تشير إلى معركة واحدة، لقي المنذر فيها حتفه٤.

وعلى أي حال، فهناك ما يشير إلى أن الحارث قد اعتنق النصرانية على المذهب "المونوفيزي" القائل بوجود طبيعة واحدة للسيد المسيح، وليس طبيعتين -الواحدة إلهية، والأخرى بشرية- ومن ثم فقد سعى في عام ٥٤٢/ ٥٤٣م، لدى الإمبراطورة "ثيودورة" زوج الإمبراطور جستنيان "٥٢٧-٥٦٥م" لتعيين يعقوب البرادعي، مؤسس الكنيسة السورية اليعقوبية ورفيقه "ثيودوروس" أسقفين في المقاطعة العربية


١ نولدكه: المرجع السابق ص١٨، فيليب حتى: المرجع السابق ص٤٤٨، المعارف ص٢١٨، قارن: أبو الفداء ١/ ٨٤، وانظر: A. MUSIL, POLMYRENA, P.١٤٤
J.B. BURY, OP. CIT., P.٩٢. وكذا P.K. HITTI, OP. CIT., P.٧٩, ٨٢
٢ المعارف ص٢٨٠، مجمع الأمثال ٢/ ٢٧٢-٢٧٣، المفضليات ص١٨٧، خزانة الأدب ٣/ ٣٠٣، إبن خلدون ٢/ ٢٨١، أيام العرب في الجاهلية ص٥٤-٥٥، جرجي زيدان: المرجع السابق ص٢٠٠-٢٠١، عبد اللطيف الطيباوي: المرجع السابق ص١٣-١٤، سعد زغلول: المرجع السابق ص٢٠٨، وكذا P.K. HITTI, OP. CIT., P.٧٩
٣ ابن الأثير ١/ ٥٤٢-٥٤٧، ديوان النابغة ص٣٧، صحيح الأخبار ٢/ ٢٦، ياقوت ١/ ٢٩٦-٧-٢.
٤ ابن الأثير ١/ ٥٤١، نولدكه: المرجع السابق ص١٩-٢٠، البكري ٢/ ٤٦٥، صحيح الأخبار ٤/ ١٣-١٤.

<<  <   >  >>