للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء بعد الحارث ولده المنذر "٥٦٩-٥٨١م، أو ٥٧٠-٥٨٢م"١، وهو المعروف بـ "Aiamoundaroes" عند اليونان والسريان، وبالمنذر الأكبر عند "حمزة الأصفهاني"٢، وقد نهج نهج أبيه في معاداة اللخميين أتباع الفرس، وإن كان أكبر الظن أن ملك الحيرة "قابوس بن هند" هوالبادئ بالحرب، وهكذا دارت رحى الحرب بين الفريقين عند "عين أباغ" في مايو من عام ٥٧٠م، كتب النصر فيها للمنذر الغساني، ولقي اللخميون هزيمة نكراء٣.

وما أن يمضي حين من الدهر، حتى تبدأ العلاقات بين الروم وآل جفنة تتلبد بالغيوم، ربما بسبب الخلافات المذهبية بين الفريقين وتعصب المنذر الغساني للمذهب المونوفيزي، بل إن هناك من يذهب إلى أن المنذر قد عقد مجمعا كنسيا أعلن فيه هرطقة القائلين بالتثليث، وعلى رأسهم الإمبراطور نفسه، وربما لأن سياسية المنذر كانت هي السبب في استيلاء الفرس على "٤Rhomaye".

وأيا ما كان السبب فإن الإمبراطور "جستين الثاني" "٥٦٥-٥٧٨م"، بدأ يرتاب في ولاء المنذر السياسي، ومن ثم فقد قرر التخلص منه عن طريق البطريق "مرقيانوس"، إلا أن المنذر -على ما يبدو- لم يكن غافلا عما يدور حوله، أو أن حامل الرسالة إلى "مرقيانوس" قد أخطأ صاحبها، فسلمها إلى المنذر بدلا من البطريق، وهكذا قر المنذر إلى البادية، وتحصن بها، بل إن هناك من يذهب إلى أنه قد انتهز الفرصة، فصالح أعداءه التقليديين "ملوك الحيرة"، وقد أدى هذا الوضع الجديد إلى أن يشن قابوس بمفرده -أو بالاشتراك مع المنذر- الغارات على سورية، وأن يعيث فيها فسادًا٥.


١ نولدكه: المرجع السابق ص٢٥، جواد علي ٣/ ٤١٢
وكذا F. ALTHEIM AND E. STIEHL, OP. CIT., I, P.١٠
٢ حمزة الأصفهاني: تاريخ سني ملوك الأرض والأنبياء ص٦٨
وكذا PRCOPIUS, BK, I, CH.١٧, ٤٧
٣ نولدكه: المرجع السابق ص٢٧، تاريخ ابن خلدون ٢/ ٢٨١، محمد الخضري: المرجع السابق ص٣٥، قارن: ابن الأثير ١/ ٥٤٠-٥٤١، أبو الفداء ١/ ٩٧، جواد علي ٣/ ٤١٣.
وكذا PROVINCIA ARABIA, III, P.٣٥٥ وكذا P.K. HITTI, OP. CIT., P.٧٩
٤ عبد اللطيف الطيباوي: المرجع السابق ص١٥، فيليب حتى: المرجع السابق ص٤٤٩.
٥ نولدكه: المرجع السابق ص٢٦، ريجيس بلاشير: المرجع السابق ص٦٠، فيليب حتى: المرجع السابق ص٤٤٩، جواد علي ٣/ ٤١٣-٤١٤، سعد زغلول: المرجع السابق ص٢١٠
وكذا PROVINCIA ARABIA, II, P.١٧٤

<<  <   >  >>