للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يتفق مع واحد منهم "النعمان" على إجابة، خلاصتها: أن يتعهد لكسرى بأن يقيه شر العرب جميعا، وعلى رأسهم إخوته، بينما يتفق مع الآخرين بأن يتعهدوا لكسرى بذلك، إلا شرا يأتي من أخيهم النعمان، وهكذا يتم اختيار النعمان ملكا بعد أبيه١، وأن هذا كله إنما يشير من ناحية أخرى إلى أن عرش الحيرة إنما أصبح أمره بيد كسرى، وليس بيد آل لخم٢.

وهناك من يتجه إلى أن النعمان "٥٨٠-٦٠٢م" إنما كان في أول الأمر وثنيا، يتعبد للعزى، ويقدم الأضاحي للأوثان غير أنه سرعان ما غير دينه الوثني، واعتنق النصرانية بعد نجاح آباء الكنيسة النسطورية في شفائه من مرض ألم به، أو بتأثير عدي بن زيد عليه، فضلا عن نشأته في بيئة نصرانية٣، وأن ذلك إنما كان في عام ٥٩٣م، ومن ثم فقد أصبح النعمان -فيما يرى أصحاب هذا الاتجاه- الملك الوحيد من ملوك آل لخم الذي اعتنق النصرانية، وعلى المذهب النسطوري٤، أقل المذاهب النصرانية كراهية عند الفرس، والذين كانوا سببا في عدم اعتناق أسلاف النعمان للمسيحية٥، وعلى أي حال، فلقد كان اعتناق النعمان للمسيحية على المذهب النسطوري سببا في أن يعلو شأن الكنيسة النسطورية في الحيرة، وأن ينضم إليها الكثير من سادة القوم، فضلا عن إرسال القديس "سرجيوس" إلى اليمن، حيث بقي في نجران ثلاث سنوات يبشر بمذهبه هذا٦.

هذا ويختلف المؤرخون في نسب "سلمى" أم النعمان، فهي من كلب على رأي، ومن "فدك" على رأي آخر، ومن دومة الجندل على رأي ثالث، وطبقا


١ تاريخ الطبري ٢/ ١٩٤-١٩٥، الأغاني ٢/ ١٠٦، وما بعدها، المقدسي ٣/ ٢٠٤-٢٠٥، اليعقوبي ١/ ٢١٢-٢١٣، أيام العرب في الجاهلية ص١١-١٣.
٢ عبد العزيز سالم: المرجع السابق ص٣٥٢.
٣ حمزة الأصفهاني ص٧٣، الأغاني ٢/ ٩٦، معجم الشعراء ص٢٤٩، جواد علي ٣/ ٢٨٤-٢٨٥،
وكذا F. Altheim And R. Stiehl, Op. Cit., P.١٩٨
وكذا P.K. Hitti, Op. Cit., P.٨٤
٤ ينسب هذا المذهب إلى "نسطوريوس" مطران القسطنطينية "٤٢٨-٤٣١م"، والذي يرفض الرأي القائل باتحاد طبيعتي المسيح في شخص واحد، ويذهب إلى أنه ذو شخصيتين متميزتين تجمعهما روابط الألفة الوثيقة "انظر: P.K. Hitti, Op. Cit., P.٨٤."
٥ P. K. Hitti, History of the Arabs, London, ١٩٦٠, P. ٨٤
٦ جواد علي ٣/ ٣٨٥، وكذا F. Altheim And R. Stiehl, Op. Cit., I, P.١٩٨

<<  <   >  >>