للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يترك آل كندة مهاجمة الشام، وأن يتعاونوا مع الروم على قتال الفرس والمناذرة، وهكذا قام الروم في العام التالي "٥٠٣م" -بمساعدة الحارث- بهجوم على الحيرة، واستولوا على قافلة١.

ولم يكن الحال بالنسبة إلى الفرس، بأفضل منه بالنسبة إلى الروم، فعلى أيام قباذ "٤٨٨-٥٣١م"، انتشرت الاضطرابات في أنحاء البلاد، وأصبح الأمر بيد "الموابذة" كما كان للأغنياء والإقطاعيين دور كبير في إدارة شئون البلاد، وهنا رأى قباذ أملاً في استرداد سلطانه، ورغبة في القضاء على الأغنياء، وعلى رجال الدين أن ينشر مبادئ "مزدوك" بين الناس٢، والتي تدعوا إلى نوع من الاشتراكية البدائية في الأموال والنساء، حيث إن الناس قد تظالموا في الأموال والأرزاق، فاغتصبها بعضهم من بعض، وأن الأغنياء قد اغتصبوا أرزاق الفقراء، ومن ثم فإنهم "يأخذون للفقراء من الأغنياء، ويردون من المكثرين على المقلين، وأن من كان عنده فضل من الأموال والنساء والأمتعة، فليس هو بأولى به من غيره، فافترض السفلة ذلك واغتنموه، وكانفوا مزدوك وأصحابه وشايعوهم، فابتلى الناس بهم، وقوي أمرهم، حتى كانوا يدخلون على الرجل في داره، فيغلبونه على منزله ونسائه وأموال، لا يستيطع الامتناع عنهم"٣.

وقد أدت هذه الأحداث إلى قيام ضد قباذ، انتهت بخلعه في عام ٤٩٨م -وربما في عام٤٩٦م٤- ولكنه استطاع أن يفلت من السجن، وأن يستعيد عرشه في عام ٥٠٢ - أو عام ٥٠٤م- طبقا لرواية يذهب الأخباريون فيها إلى أن أخته -بمساعدة واحد من ضباطه- قد لعبت الدور الأول في هروبه من السجن، بعد أن مكث فيه ست سنين٥.

وفي أثناء ذلك كان قباذ قد دعا "المنذر بن ماء السماء" إلى المزدكية فأبى،


١ عمر فروخ: تاريخ الجاهلية ص٨٩.
٢ جواد علي ٣/ ٣٣٣، وانظر
T. Noldeke, Aufsatze Zur Persischen Geschichte, Leipzig, ١٨٨٧, P.١٠٩
٣ تاريخ الطبري ٢/ ٩٢-٩٣، ابن الأثير ١/ ٥١٢-٤١٥، إيليا حاوي: المرجع السابق ص٨، سعد زغلول: المرجع السابق ص٢٢٢.
٤ جواد علي ٣/ ٣٣٤، وكذا Eb, ١٧, P.٥٧٤. وكذا Ei, ٤, P.١٧٨
٥ ابن الأثير ١/ ٤١٤، تاريخ الطبري ٢/ ٩٣-٩٤.

<<  <   >  >>