للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تطمع في مصاهرة هذا البيت العريق١.

وقد اختلف المؤرخون في فترة حكم "الحارث بن عمرو المقصور" هذا، فبينما يحدد له أستاذنا الدكتور عبد العزيز سالم الفترة "٤٩٥-٥٢٨م"٢، يرى "كوسان ده يرسيفال" أنه حكم في الفترة "٤٩٥-٥٢٤م"٣، ويذهب "أوليندر" إلى أنه كان في الفترة "٤٩٠-٥٢٨م"٤، وعلى أي حال، فلقد كان الحارث أقوى ملوك كندة قاطبة، وأشدهم بأسأ، وأعظمهم شخصية، وأكثرهم طموحا، وقد ساعدته الظروف، فأصبح أعداؤه من بني بكر وتغلب -بعد حرب البسوس التي دامت أربعين عاما٥- في حالة ضعف شديد، ومن ثم فقد نجح في أن يعيد سلطانه على قبائل ربيعة في نجد، وعلى بني أسد وبني كنانة وبني بكر.

وتذهب الروايات العربية إلى أن الحارث قد كتب له نُجْحًا بعيد المدى في توسيع مملكة كندة، حتى أنه استطاع آخر الأمر أن يضم إليه ملك آل لخم، وأن يجلس على عرشهم في الحيرة نفسها، منتهزا الفرصة التي أتاحتها له الظروف التي كانت تمر بها الدول الشمالية "الروم والفرس والغساسنة والمناذرة"، ومن ثم فقد بدأ حوالي عام ٤٩٧م بغزو فلسطين، إلا أن الحاكم الروماني قد ألحق بجيشه -الذي كان بقيادة ولده حجر- هزيمة منكرة، ولكن ما أن تمضي سنون خمسة حتى تصبح بيزنطة في موضع حرج، إذ تبدأ قبائل البلغار والصقالبة تتغلغل في تخوم الإمبراطورية الشمالية، ثم سرعان ما تعود الحرب بين الروم والفرس، من جديد في حوالي عام ٥٠٢م، وهكذا رأى الإمبرطور الروماني "أنسطاسيوس" "٤٩١-٥١٨م" أن يخفف من مشكلاته، وأن يقلل من أعدائه، فعقد مع الحارث معاهدة تنص على أن


١ تاريخ الطبري ٢/ ٨٩.
٢ عبد العزيز سالم: المرجع السابق ص٤١١.
٣ Caussin De Perceval, Op. Cit., Ii, P.٢٨٦
٤ G. Olinder, Op. Cit., P.٥٤, ٥٦
٥ انظر عن حرب البسوس: ابن الأثير ١/ ٥٢٣-٥٣، الميداني ١/ ٣٧٤-٣٧٦، تاريخ اليعقوبي ١/ ٢٢٥، بلوغ الأرب ٢/ ١٤٩-١٥٧، كتاب المعارف ص٢٦١، ياقوت ١/ ١١٢-١١٣، الأغاني ٤/ ١٤٠-١٥٢، العقد الفريد ٣/ ٩٥، أيام العرب في الجاهلية ص١٤٢-١٦٨، أبو تمام: الحماسة ص٤٢٠-٤٢٣، تاريخ الجاهلية ص٩٨-١٠٣، جرجي زيدان: المرجع السابق ص٢٤٥-٢٤٨، وكذا
P.K. Hitti, History Of The Arabs, P.٨٩-٩٠

<<  <   >  >>