للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن تستمر في القتال بعد ذلك١.

كان من المنتظر أن يستنجد امرؤ القيس بملوك اليمن من حمير، ولكننا نعلم أن ملك اليمن إنما كان وقت ذاك بيد الأحباش، ولم يكن للحبشة -ولا للروم من ورائهم- مصلحة في مساعدة امرئ القيس على الطلب بثأر أبيه؛ لأن المستعمر لا يأبه لأهل خدمته إلا إذا كانوا أقويا؛ لأنه يريدهم ليدافعوا عنه، لا ليدافع عنهم٢، وهكذا اضطر امرؤ القيس إلى أن يطوف بقبائل العرب يستنصرها على قتله أبيه، فمنهم من كان يقف إلى جانبه، ومنهم من كان يرفض مساعدته خشية بني أسد، وخوفا من إغضاب المناذرة والفرس٣، بخاصة وأن المنذر بن ماء السماء كان يسعى للإيقاع بامرئ القيس، الأمر الذي لم يكن له به طاقة، وكذا القبائل التي كان يرجو مساعدتها٤.

وأخيرا قرر امرؤ القيس أن يذهب إلى القسطنطينية ليستنجد بملك الروم، وقد دفعته حاجته إلى المال إلى أن يذهب إلى تيماء، وأن يرهن سلاحه ودروعه عن السموأل، أن أنه إنما تركها هناك وديعة عند الشاعر اليهودي٥، الذي كتب له كتابا إلى الحارث بن أبي شمر الغساني، يطلب إليه فيه أن يتوسط لشاعر كندة عند الإمبرطور الروماني، ليساعده على الانتقام من قتلة أبيه، وخاصة وأن ملوك الحيرة، وهم


١ ابن الأثير ١/ ٥١٦-٥١٧، أيام العرب في الجاهلية ص١١٦-١٢٠، نهاية الأرب ٣/ ٢٥، تاريخ ابن خلدون ٢/ ٢٧٤-٢٧٥، إيليا حاوي: امرؤ القيس ص١٧-٢١، تاريخ اليعقوبي ١/ ٢١٧-٢١٩، الشعر والشعراء ١/ ٥٢، ٥٨.
٢ عمر فروخ: تاريخ الجاهلية ص٩٣.
٣ أيام العرب في الجاهلية ص١٢٠-١٢١، رئيف خوري: إمرئ القيس ص٢٧، محمد مبروك نافع: عصر ما قبل الإسلام ص١٢٠، تاريخ اليعقوبي ١/ ٢١٩-٢٢٠.
٤ تاريخ ابن خلدون ٢/ ٢٧٥، الأغاني ٩/ ٩١ "دار الكتب"، رئيف خوري: امرؤ القيس ص٢٧
٥ يذهب الباحثون إلى أن السمؤال بن عاديا شاعر يهودي الديانة مقره حصن الأبلق في غرب تيماء "طبقات فحول الشعراء ص٢٣٥، الأغاني ١٩/ ٩٨، وكذا Ei, ٤, P.١٣٣." ولكنهم
اختلفوا في جنسيته، فجعله بعضهم يهوديا من سلالة هارون بن عمران، وجعله آخرون عربيا غسانيا "الأمثال للميداني ٢/ ٢٧٦، المشرق، العدد ٣ عام ١٩٠٩م ص١٦٢، الاشتقاق ٢/ ٤٣٦، المحبر ص٣٤٩، تاريخ الأمم الإسلامية ١/ ٤١، عبد الرحمن الأنصاري: المرجع السابق ص٨٢، عبد اللطيف الطيباوي المرجع السابق ص١٤، P.K. Hitti, Op. Cit., P.١٠٧."

<<  <   >  >>