للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمال الفرس أعداء الروم، قد مدوا لهم يد العون١.

ويصل امرؤ القيس إلى القسطنطينية، ويستقبله الأمبراطور "جستنيان" "٥٢٧-٥٦٥م" استقبالا حسنا، وإن لم يقدم له المساعدة المطلوبة، فالنجدة التي طلبها امرؤ القيس كبيرة جدا، والجيش الرومي لم يكن مستعدا للقتال في الصحراء، ثم إن الغاية التي جاء من أجلها امرؤ القيس -وهي الأخذ بثأر رجل واحد- كانت بعيدة عن سياسة الروم ومألوفهم، فضلا عن أن الإمبراطورية الرومانية كانت مهددة بهجمات البرابرة، ومن ثم فالإمبراطور في حاجة إلى الدفاع عن إمبراطوريته نفسها٢.

وهناك رواية تذهب إلى أن الإمبراطور جستنيان قد أكرم امرأ القيس، وأصبحت للشاعر الكندي منزلة رفيعة عنده، وأنه كان يدخل معه الحمام، وأن امرأ القيس قد أحب ابنة القيصر وأنه كان يأتيها وتأتيه، فبلغ ذلك بني أسد، فأرسلوا رجلا منهم يدعى "الطماح"، وصل في وقت سير فيه القيصر مع امرئ القيس جيشا كثيفا، وهنا أعلم الطماح القيصر بقصة ابنته مع امرئ القيس، وأن الأخير قد قال فيها أشعارا أشهرها بها في العرب، فبعث القيصر إلى امرئ القيس بحلة مسمومة، ثم مات في أنقرة، حيث دفن بجوار قبر امرأة من بنات الملوك، في سفح جبل يقال له "عسيب"٣.

ويعترض الدكتور عمر فروخ على غضبة القيصر بسبب اتصال امرئ القيس بابنته، ويرى أن تلك رواية إسلامية متأخرة، وأن الحياة في البلاط الرومي مخالفة لما استنتجه المؤرخ المسلم، وأن الصلات الجنسية هناك أمرا مألوفا، حتى أن القياصرة


١ أبو الفداء ١/ ٧٥، الأغاني ٨/ ٦٨-٧٠، تاريخ اليعقوبي ١/ ٢٢٠، المحبر ص٣٤٩، الشعر والشعراء ص٥٩-٦٠، تاريخ ابن خلدون ٢/ ٢٧٦، ياقوت ٤/ ١٢٤-١٢٥، محمد مبروك نافع: المرجع السابق ص١٢٠، سعد زغلول المرجع السابق ص٢٣٧، محمد الخضري: المرجع السابق ص٤١.
٢ عمر فروخ: تاريخ الجاهلية ص٩٤.
٣ ابن الأثير ١/ ٥١٨-٥١٩، الأغاني ٨/ ١٤١، الشعر والشعراء ص٥٣، ٦١-٦٣، أيام العرب في الجاهلية ص١٢٢-١٢٣، ابن خلدون ٢/ ٢٧٦، ياقوت ٤/ ١٢٤-١٢٥، جواد علي ٣/ ٣٦٠، اليعقوبي ١/ ٢٢٠، آمال المرتضى ١/ ٥٩١، إيليا حاوي: المرجع السابق ص٢١-٢٢، وكذا
P.K. Hitti, Op. Cit., P.٨٥-٨٦

<<  <   >  >>