للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعده، سموم ضد الإسلام والعرب، وهو أمر لا يعد غريبًا، إن جاء من موطنه، ولكن الغريب حقًّا أن يترجم ذلك١، وأن يذاع بين شباب العرب، والمسلمين منهم بخاصة، حتى دون التعليق على ما فيه من روايات لا تعرف نصيبًا من صواب، وحكايات أشبه بالأساطير منها بحقائق التاريخ، إلى جانب ما فيه من دعاوى تتعارض مع الإسلام، فضلا عن المنطق والحق والصواب، وقد تكون المصيبة أعظم، لو أن الذين ترجموا ذلك يظنون أنهم يقدمون بعملهم هذا للعروبة وللإسلام -فضلا عن العلم- خيرًا، أو حتى بعض الخير.

هذا وقد تميزت الفترة ما بين عامي ١٦٠٤، ١٧٣٩م، برحلات الحجاج إلى مكة، ففي عام ١٦٤٣م، قام المطران "ماثيو دي كاسترو" -القاصد الرسولي في بلاد الهند- بزيارة الأماكن المقدسة، متنكرًا في زي رحالة غريب، وذلك أثناء رحلته من الهند إلى روما، مارًّا بشبه الجزيرة العربية، ولا شك في أنه -إذا صحت روايته- رجل الدين المسيحي الوحيد الذي قام بزيارة المدن الإسلامية المقدسة، ولكنه لم يكتب بنفسه شيئًا عن ذلك٢.

وفي عام ١٦٦٠م نرى "لويس دارفيو" يزور شمال بلاد العرب، ويكتب وصفًا للبدو، إلا أنه كان بعيدًا عن المنهج العلمي في وصفه، فضلا عما فيه من مطاعن على العرب، وتمجيد للرواية الإسرائيلية عن إسماعيل وإسحاق، عليهما السلام، وعن والدتيهما الكريمتين -سارة وهاجر- بجانب الترجمة غير الصحيحة، أو على الأقل غير الدقيقة، لنصوص التوراة، فيما يتصل بإسماعيل بالذات٣.

وفي عام ١٨٠٧م، وصل إلى "جدة" الرحالة الأسباني "باديابي لبلخ" تحت اسم "علي بك العباسي" مدعيًّا أنه ليس مسلمًا فحسب، وإنما آخر أمير من نسل الخلفاء العباسيين٤، ومن عجب أن الأوربيين أنفسهم في حيرة من أمرهم، بشأن "علي بك" هذا، فهو جاسوس لنابليون على رأي، وهو أحد موظفي إمارة البحر


١ جاكلين بيرين: اكتشاف جزيرة العربية، ترجمة قدري قلعجي، بيروت ١٩٦٣.
٢ نفس المرجع السابق، ص٩١.
٣ انظر أمثلة على مسخ نصوص التوراة، في كتاب جاكلين بيرين الآنف الذكر ص١١٧-١٢٧، إلا أن تكون الترجمة العربية له هي التي أخطات.
٤ أحمد فخري: دراسات في تاريخ الشرق القديم ص١٤٦.

<<  <   >  >>