للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْخُنَا: وَهَذَا هُوَ الْعَدْلُ، وَلِهَذَا مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ حَالُ الْخَوْفِ أَوْقَعَهُ فِي نَوْعٍ مِنْ الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ، إمَّا فِي نَفْسِهِ وَإِمَّا فِي١ أُمُورِ النَّاسِ، وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ حَالَ الرَّجَاءِ بِلَا خَوْفٍ أَوْقَعَهُ فِي نَوْعٍ مِنْ الْأَمْنِ لِمَكْرِ اللَّهِ، إمَّا فِي نَفْسِهِ وَإِمَّا فِي أُمُورِ النَّاسِ، وَالرَّجَاءُ بِحَسَبِ رَحْمَةِ اللَّهِ الَّتِي سَبَقَتْ غَضَبَهُ يَجِبُ تَرْجِيحُهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: "أَنَا عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّ عَبْدِي بِي، فَلْيَظُنَّ بِي خَيْرًا" ٢. وَأَمَّا الْخَوْفُ فَيَكُونُ بِالنَّظَرِ إلَى تَفْرِيطِ الْعَبْدِ وَتَعَدِّيهِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَدْلٌ لَا يَأْخُذُ إلَّا بِالذَّنْبِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يُغَلِّبُ الشَّابُّ الرَّجَاءَ، وَالشَّيْخُ الْخَوْفَ.

وَيَذْكُرُهُ "و" زَادَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ: الْمُخَوَّفُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ وَالْوَصِيَّةُ، وَيَدْعُو بِالصَّلَاحِ وَالْعَافِيَةِ، وَلَا بَأْسَ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إذَا عَادَ مَرِيضًا مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ وَقَالَ: "أَذْهِبْ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ وَاشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُك شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ٣، وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِمَا٤ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعٌ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَيَقُولُ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَك، إلَّا عُوفِيَ". وَفِي الْفُنُونِ: إنْ سَأَلَكَ وَضْعَ يَدِك عَلَى رَأْسِهِ لِلتَّشَفِّي فَجَدِّدْ تَوْبَةً لَعَلَّهُ يَتَحَقَّقُ ظَنُّهُ فِيك، وَقَبِيحٌ تَعَاطِيَك مَا لَيْسَ لَك، وإهمال هذا وأمثاله يعمي القلوب ٥"ويخمر العيوب"٥، ويعود

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
٢ أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" "٨١٧٨" بلفظ مقارب.
٣ البخاري "٥٧٤٣"، ومسلم "٢١٩١" "٤٦".
٤ أحمد "٢١٣٧"، وأبو داود "٣١٠٦"، والترمذي "٢٠٨٣".
٥ في "ط": "ويحمر العيون".

<<  <  ج: ص:  >  >>