للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالرِّيَاءِ، قَالَ: وَحُكِيَ أَنَّ مَسْخَرَةً مِنْ مَسَاخِرِ الْمُلُوكِ رُئِيَ رَاكِبًا بِزِيٍّ حَسَنٍ، فَلَقِيَهُ أَبُو بَكْرٍ الشِّبْلِيُّ١ فَخَدَمَهُ خِدْمَةَ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مِنْ أَجِلَّاءِ الدَّوْلَةِ، فَتَرَجَّلَ وَقَالَ: أَيُّهَا الشَّيْخُ إنَّمَا أَنَا مَسْخَرَةُ الْمَلِكِ، فَقَالَ: أَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي، أَنْتَ تَأْكُلُ الدُّنْيَا بِمَا تُسَاوِي، وَأَنَا آكُلُ الدُّنْيَا بِالدِّينِ فَانْظُرْ إلَى هَذَا الْمَاجِنِ كَيْف لَمْ يَرْضَ لِنَفْسِهِ أَنْ يُكْرَمَ إكْرَامًا يَخْرُجُ عَنْ رُتْبَتِهِ حَتَّى كَشَفَ عَنْ حَالِهِ وَصِنَاعَتِهِ، فَلَيْسَ الدُّعَاءُ بَسْطَ الْكَفَّيْنِ بَلْ تَقَدُّمُ التَّوْبَةِ قَبْلَ السُّؤَالِ. سَأَلَ مَرِيضٌ بَعْضَ الصُّلَحَاءِ مَسْحَ يَدِهِ مَوْضِعَ أَلَمِهِ، فَوَقَفَ، فَعَاوَدَهُ. فَقَالَ: اصْبِرْ حَتَّى أُحَقِّقَ تَوْبَةً لَعَلَّك تَنْتَفِعُ بِإِمْرَارِهَا.

وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي قَوْلِ أَبِي جُحَيْفَةَ: وَقَامَ النَّاسُ فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَهُ وَيَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ٢. قَالَ: يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ أَنْ يَمْسَحَ الْإِنْسَانُ وَجْهَهُ بِيَدِ الْعَالِمِ وَمَنْ تُرْجَى بَرَكَتُهُ مِنْ الصَّالِحِينَ، وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ، وَرَوَى الْخَلَّالُ فِي أَخْلَاقِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ أَنَّهُ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى أَحْمَدَ ثُمَّ مَسَحَهَا عَلَى بَدَنِهِ، فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا، وَجَعَلَ يَنْفُضُ يَدُهُ، وَجَعَلَ يَقُولُ: عَمَّنْ أَخَذْتُمْ هَذَا؟ وَأَنْكَرَهُ شَدِيدًا. وَيَأْتِي قَبْلَ بَابِ الدَّفْنِ٣. مَعَ أَنَّ أَحْمَدَ كَانَ كَثِيرًا يُقَبِّلُ رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ وَيَدَهُ وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ، نَقَلَ مُهَنَّا: وَلَا يَكْرَهُهُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَمْ أَرَهُ يَشْتَهِي أَنْ يُفْعَلَ به ذلك، وذلك مبسوط في

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ قيل: اسمه دلف بن جحدر، وقيل: جعفر بن يونس، وقيل: جعفر بن دلف. كان فقيها عارفا بمذهب مالك، وكتب الحديث عن طائفته. "ت ٣٣٤هـ". "سير أعلام النبلاء" ١٥/٣٦٧.
٢ أخرجه البخاري "٣٥٥٣"، ومسلم "٥٠٣" "٣٥٢".
٣ ص ٣٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>