للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ لَزِمَ مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا رَبُّ الْعِبَادِ. قَالَ: وَغَايَةُ هَذَا أَنْ يُشَبَّهَ بِغَصْبِ الْمُشَاعِ، فَالْغَاصِبُ إذَا قَبَضَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ نَصِيبَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ ذَلِكَ الشَّرِيكِ، فِي الْأَظْهَرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا، وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بِأَخٍ وَكَذَّبَهُ أَخُوهُ لَزِمَ الْمُقِرَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْمُقَرِّ بِهِ مَا فَضَلَ عَنْ حَقِّهِ، وَهُوَ السُّدُسُ، فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، جَعَلُوا مَا غَصَبَهُ الْأَخُ الْمُنْكِرُ مِنْ مَالِ الْمُقَرِّ بِهِ خَاصَّةً لِأَجْلِ النِّيَّةِ. وَكَذَا هَاهُنَا إنَّمَا قَبَضَ الظَّالِمُ عَنْ ذَلِكَ الْمَطْلُوبِ لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ مَالِ الدَّافِعِ، لَكِنْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي غَصْبِ الْمُشَاعِ: مَا قَبَضَهُ الْغَاصِبُ يَكُونُ مِنْهُمَا، اعْتِبَارًا بِصُورَةِ الْقَبْضِ، وَيَكُونُ النِّصْفُ الَّذِي غَصَبَهُ الْأَخُ الْمُنْكِرُ مِنْهُمَا، وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، قَالَ: وَمِنْ صُودِرَ عَلَى مَالٍ فَأُكْرِهَ أَقَارِبُهُ أَوْ أَصْدِقَاؤُهُ أَوْ جِيرَانُهُ أَوْ شُرَكَاؤُهُ عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا عَنْهُ فَلَهُمْ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا لِأَجْلِهِ وَلِأَجْلِ مَالِهِ، وَالطَّالِبُ مَقْصُودُهُ مَالُهُ لَا مَالُهُمْ، وَاحْتَجَّ بِقِصَّةِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ١، وَقَالَ: فَلَمَّا كَانُوا إنَّمَا أَعْطَوْهُ وَأَهْدَوْا إلَيْهِ لِأَجْلِ وِلَايَتِهِ جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ الْمُسْتَحَقِّ لِأَهْلِ الصَّدَقَاتِ؛ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ أَمْوَالِهِمْ قَبَضَ، وَلَمْ يُخَصَّ بِهِ٢ الْعَامِلُ، فَكَذَا مَا قُبِضَ بِسَبَبِ مال بعض

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ أخرجه البخاري ٢٥٩٧، ومسلم ١٨٣٢، ٢٦. من حديث أبي حميد الساعدي قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له: ابن اللتبية على الصدقة فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي لي. قال: "فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر يهدى له أم لا ... " وابن اللتبية هو عبد الله بن اللتبية الأزدي، له صحبة استعمله رسول الله في الصدقات. قال في فتح الباري ٣/٣٦٦: واللتبية بضم اللام وسكون المثناة: من بني لتيب: حي من الأزد. قاله ابن دريد. قيل إنها كانت أمه، وقيل: اللتبية بضم اللام والمثناة. أسد الغابة ٣/٢٧٤، والإصابة ٦/٢٠٢.
٢ ليست في "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>