للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَنْ لَبِسَ قَمِيصًا وَجُبَّةً وَعِمَامَةً لِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ, قُلْتُ: فَإِنْ اعْتَلَّ فَلَبِسَ جُبَّةً ثُمَّ بَرِئَ ثُمَّ اعْتَلَّ فَلَبِسَ جُبَّةً, فَقَالَ: عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي الْإِرْشَادِ١: إذَا لَبِسَ وَغَطَّى رَأْسَهُ مُتَفَرِّقًا فَكَفَّارَتَانِ. وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَرِوَايَتَانِ, وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: إنْ كَرَّرَهُ فِي مَجْلِسٍ تَدَاخَلَتْ, لَا فِي مَجَالِسَ, وَعِنْدَ مَالِكٍ: تَتَدَاخَلُ كَفَّارَةُ الْوَطْءِ فَقَطْ. وَجَدِيدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ: لَا تَدَاخُلَ, وَفِي الْقَدِيمِ: تَتَدَاخَلُ, وَلَهُ قَوْلٌ: عَلَيْهِ لِلْوَطْءِ الثَّانِي شَاةٌ, كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.

لَنَا مَا تَدَاخَلَ مُتَتَابِعًا تَدَاخَلَ مُتَفَرِّقًا كَالْأَحْدَاثِ وَالْحُدُودِ وَكَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ; وَلِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ لَا يَتَضَمَّنُ سَبَبُهَا إتْلَافَ نَفْسٍ, كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ; وَلِأَنَّهُ وَطِئَ, فَكَفَّرَ عَنْهُ كَالْأَوَّلِ, أَوْ مَحْظُورٍ فَكَفَّرَ عَنْهُ كَغَيْرِهِ; وَلِأَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ فِدْيَةً وَلَمْ يُفَرِّقْ وَلَا يُمْكِنُ إلَّا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وَلَنَا عَلَى أَنَّهُ لَا تَدَاخُلَ إذَا كَفَّرَ عَنْ الأول اعتباره بالحدود والأيمان.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

ثم رأيت ابن نصر الله في حواشيه قَالَ: يَعْنِي إمَّا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ تَغْطِيَةِ وَجِهَةِ وَرَأْسِهِ, أَوْ بَيْنَ تَغْطِيَةِ وَجْهِهِ وَلُبْسِ الْمَخِيطِ, انْتَهَى. يَعْنِي أَنَّ كَلَامَهُ صَحِيحٌ, وَيُقَدَّرُ فِيهِ فَيُقَالُ: وَإِنْ غَطَّى وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ, أَوْ غَطَّى وَجْهَهُ وَلَبِسَ الْمَخِيطَ, فَدَى. وَهُوَ صَحِيحٌ. لكن بخذف٢ ذَلِكَ حَصَلَ اللُّبْسُ, وَقَوْلُهُ: "أَوْ غَطَّى وَجْهَهُ وَجَسَدَهُ" مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَغْطِيَةَ وَجْهِ الرَّجُلِ لَا تُوجِبُ فِدْيَةً, وَإِلَّا فَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مُشْتَرِكَانِ في ذلك, والله أعلم.


١ ص "١٦١".
٢ في "ط" "بخلاف".

<<  <  ج: ص:  >  >>