للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَتَعَدَّدُ كَفَّارَةُ الصَّيْدِ بِتَعَدُّدِهِ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ "و" لِأَنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ أَنَّ مَنْ قَتَلَ صَيْدًا لَزِمَهُ مِثْلُهُ, وَمَنْ قَتَلَ أَكْثَرَ لَزِمَهُ مِثْلُ ذَلِكَ; وَلِأَنَّهُ لَوْ قَتَلَ أَكْثَرَ مَعًا تَعَدَّدَ الْجَزَاءُ, فَمُتَفَرِّقًا أَوْلَى, لِأَنَّ حَالَ التَّفْرِيقِ لَيْسَ أَنْقَصَ كَسَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ; وَلِأَنَّهَا كَفَّارَةُ قَتْلٍ, كَقَتْلِ الْآدَمِيِّ, أَوْ بَدَلُ مُتْلَفٍ, كَبَدَلِ مَالِ الْآدَمِيِّ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا تَتَعَدَّدُ إنْ لَمْ يُكَفِّرْ عَنْ الْأَوَّلِ, وَحُكِيَ عَنْهُ مُطْلَقًا, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إنْ تَعَمَّدَ قَتْلَهُ ثَانِيًا فَلَا جَزَاءَ, يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ. رُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالنَّخَعِيِّ وَقَتَادَةَ وَقَالَهُ دَاوُد, لِلْآيَةِ; لِأَنَّ الْجَزَاءَ إذَا عُلِّقَ بِلَفْظِ "مَنْ" لَمْ يَتَكَرَّرْ نَحْوُ: مَنْ دَخَلَ دَارِي فَلَهُ دِرْهَمٌ, وَلِأَنَّهُ قَالَ: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} [المائدة: ٩٥] وَلِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ ثُمَّ عَادَ قِيلَ لَهُ اذْهَبْ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْك. رَوَاهُ النَّجَّادُ١. وَكَسَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ; وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ.

وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ الْجَزَاءَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ شَرْطٍ فِي مَحَالٍّ, نَحْوُ مَنْ دَخَلَ دُورِي٢ فَلَهُ بِدُخُولِ كُلِّ دَارٍ دِرْهَمٌ. وَالْقَتْلُ يَقَعُ فِي صَيْدٍ وَصُيُودٍ. وَعَنْ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ, كَقَوْلِهِ فِي آيَةِ الرِّبَا: {وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ} [البقرة: ٢٧٥] وَلِلْعَائِدِ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ, وَكَقَوْلِهِ فِي آيَةِ الْمُحَارَبَةِ: {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: ٣٣] لَا يَمْنَعُ مِنْ الْعَزْمِ وَعَنْ الثَّالِثِ يَمْنَعُ صِحَّتَهُ. وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ٣ عَنْهُ فِي حَمَامِ الْحَرَمِ: في الحمامة شاة, وبتقديم ظاهر

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ وأخرجه الطبري في تفسره "٧/٦٠".
٢ في "س" "داري".
٣ في سننه "٢/٢٤٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>