للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْئًا، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ، وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ١ كَلَامٌ فِي فِسْقِهِ، وَمُرَادُ الْأَصْحَابِ: مَا لَمْ يَفْسُقْ، قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: إنَّمَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالشَّفْعَوِيَّةِ إذَا احْتَاطَ الْإِمَامُ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ: أَيْ مَا لَمْ يَتْرُكْ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا عِنْدَ الْمَأْمُومِ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: الشَّفْعَوِيَّةُ غَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ نِسْبَةٌ إلَى شَافِعٍ بِحَذْفِ يَاءِ النَّسَبِ جَدُّ الْإِمَامِ كَمَا نَسَبَ هُوَ إلَيْهِ، إذْ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مَنْسُوبَيْنِ.

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ "السِّرِّ الْمَصُونِ": رَأَيْت جَمَاعَةً مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْعِلْمِ يَعْمَلُونَ عَمَلَ الْعَوَامّ، فَإِذَا صَلَّى الْحَنْبَلِيُّ فِي مَسْجِدِ شَافِعِيٍّ وَلَمْ يَجْهَرْ غَضِبَتْ الشَّافِعِيَّةُ، وَإِذَا صَلَّى شَافِعِيٌّ فِي مَسْجِدِ حَنْبَلِيٍّ وَجَهَرَ غَضِبَتْ الْحَنَابِلَةُ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اجْتِهَادِيَّةٌ، وَالْعَصَبِيَّةُ فِيهَا مُجَرَّدُ هَوًى يَمْنَعُ مِنْهُ الْعِلْمِ٢.

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: رَأَيْت النَّاسَ لَا يَعْصِمُهُمْ مِنْ الظُّلْمِ إلَّا الْعَجْزُ. وَلَا أَقُولُ الْعَوَامُّ، بَلْ الْعُلَمَاءُ، كَانَتْ أَيْدِي الْحَنَابِلَةِ مَبْسُوطَةً فِي أَيَّامِ ابْنِ يُوسُفَ٣، فَكَانُوا يَتَسَلَّطُونَ٤ بِالْبَغْيِ عَلَى أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي الْفُرُوعِ، حَتَّى لَا يُمَكِّنُوهُمْ مِنْ الجهر والقنوت، وهي مسألة اجتهاد٥، فلما جاءت

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ ١١/٢٩٨.
٢ جاء في "ط" عند هذه الكلمة: "لَعَلَّ ذَلِكَ فِي الْجَهْرِ بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ".
٣ هو: أبو منصور، عبد الملك بن محمد بن يوسف البغدادي، كان متعصبا للسنة، قد كفى عامة العلماء والصلحاء "ت ٤٦٠هـ". "السير" ١٨/٣٣٣.
٤ في "ط": "يتسلطون".
٥ في "ب" و"ط": "اجتهادية".

<<  <  ج: ص:  >  >>