للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيَّامُ النَّظَّامِ١، وَمَاتَ ابْنُ يُوسُفَ وَزَالَتْ شَوْكَةُ الْحَنَابِلَةِ اسْتَطَالَ عَلَيْهِمْ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ اسْتِطَالَةَ السَّلَاطِينِ الظَّلَمَةِ، فَاسْتَعْدَوْا بِالسِّجْنِ، وَآذَوْا الْعَوَامَّ بِالسِّعَايَاتِ، وَالْفُقَهَاءَ بالنبز بالتجسيم، قال: فتدبرت أمر الفريقين، فَإِذَا بِهِمْ لَمْ تَعْمَلْ فِيهِمْ آدَابُ الْعِلْمِ، وهل هذه٢ إلا أفعال إلَّا أَفْعَالَ الْأَجْنَادِ يَصُولُونَ فِي دَوْلَتِهِمْ، وَيَلْزَمُونَ الْمَسَاجِدَ فِي بَطَالَتِهِمْ، انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ.

فَقَدْ بَيَّنَّا الْأَمْرَ عَلَى أَنَّ مَسَائِلَ الِاجْتِهَادِ لَا إنْكَارَ فِيهَا، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِيهِ رِوَايَتَيْنِ، وَيُتَوَجَّهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَفِي كَلَامِ أَحْمَدَ أَوْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إنْ ضَعُفَ الْخِلَافُ فِيهَا أُنْكِرَ، وَإِلَّا فَلَا، وَلِلشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا خِلَافٌ، فَلَهُمْ وَجْهَانِ فِي الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ كَشَفَ فَخْذَيْهِ، فَحُمِلَ حَالُ مَنْ أَنْكَرَ عَلَى أَنَّهُ رَأَى هَذَا أَوْلَى وَلَمْ يَعْتَقِدْ الْمُنْكِرُ أَنَّهُ يُفْضِي ذَلِكَ إلَى مَفْسَدَةٍ فَوْقَ مَفْسَدَةِ مَا أَنْكَرَهُ، وَإِلَّا لَسَقَطَ الْإِنْكَارُ أَوْ لَمْ يَجُزْ "وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى" وَسَبَقَ كَلَامُ ابْنِ هُبَيْرَةَ آخِرَ كِتَابِ الصَّلَاةِ٣، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمُنْقِرِيُّ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ خَلْفَ مَنْ يَقْنُتُ وَمَنْ لَا يَقْنُتُ، فَإِنْ زَادَ فِيهِ حَرْفًا فَلَا يُصَلِّي خَلْفَهُ، أَوْ جَهَرَ بِمِثْلِ "إنَّا نَسْتَعِينُك"٤ أَوْ "عَذَابَك الْجَدَّ"٥ فَإِنْ كُنْت فِي صَلَاةٍ فَاقْطَعْهَا، كَذَا قَالَ.

وَمَنْ زَوَّرَ وِلَايَةً لِنَفْسِهِ بِإِمَامَةٍ وَبَاشَرَ فَيَتَوَجَّهُ: إنْ كَانَتْ وِلَايَتُهُ شرطا

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


١ هو: أبو علي، الحسن بن علي إسحاق الطوسي، نظام الملك، الوزير الكبير، كان شافعيا أشعريا، وكان فيه خير وتقوى، وميل إلى الصالحين. "ت ٤٨٥هـ". "السير" ١٩/٩٤.
٢ بعدها في "ط": "الأفعال".
٣ ١/٤٢١.
٤ أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" ٢/٢١٠ – ٢١١، من حديث عمر، وانظر: "تلخيص الحبير" ٢/٢٤ - ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>