للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[النداء الثاني والأربعون: في الأمر بإصلاح المؤمن نفسه وتطهيرها بالإيمان والعمل الصالح وإعلامه بأنه لا يضره]

الآية (١٠٥) من سورة المائدة

أعوذ بالله الشيطان الرجيم

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}

الشرح:

اعلم أيها القارئ الكريم أن هذا النداء الإلهي الرحيم الموجه إلى عباد الله المؤمنين أي المصدقين بالله ربا، لا رب غيره، وإلها لا إله سواه، وبالإسلام دينا لا دين يقبله الله تعالى غيره، وبمحمد نبيا ورسولا من عند الله، هؤلاء المؤمنين حقا وصدقا، يناديهم الجبار جل جلاله، وعظم سلطانه رحمة بهم، وإحسانا إليهم فيقول لهم: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} أي الزموا أنفسكم هدايتها وإصلاحها، فاحفظوها من الوقوع في الذنوب والآثام لتبقى طاهرة زكيه محلا لرضى الرحمن سبحانه وتعالى _ وأعلموا أنه لا يضركم ضلال من ضل ولا غواية من غوى، إذ كل نفس بما كسبت رهينة ولا تزر يوم القيامة وازرة وزر أخرى إذ من يعمل سوءا يجزى به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا.

ولتعلم يقينا أنه لا يضرنا ضلال من ضل إذا نحن اهتدينا، لقول ربنا في إرشاده لنا {لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} . إذا نحن أمرنا بالمعروف من تركه بيننا، ونهينا عن المنكر من ارتكبه فينا ونحن نراه ونشاهده إذ ليس من الهداية الكاملة المنجية من العذاب والمسعدة للعباد أن لا نأمر بالمعروف ولا ننهى عن المنكر إذ الأمر بالمعروف

<<  <   >  >>