هذا النداء الخامس من نداءات الرحمن لعباده المؤمنين في سورة الحجرات، وكل هذه النداءات تدور حول إصلاح الفرد المؤمن في المجتمع الإسلامي، إذ الأول دعا المؤمن أن لا يقدم رأيه على الكتاب والسنة بحال من الأحوال لتبقى الشريعة هي الحكم، وإليها التحاكم فما أشرعته، فهو الشرع، وما أوجبته فهو الواجب، وما حرمته فهو الحرام. والنداء الأول: قرر الأدب الواجب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وعلماء أمته هذا أولا. والثاني: الأدب سمة من سمات أهل الإيمان، فلا يحل التخلي عنها أبدا، إذ هي ميزة الأمة الإسلامية، والثالث: أوجب التثبت والتروى في إصدار الأحكام في كل قول وحادثة حتى لا يقع الفرد أو الأمة في خطر يزعزع أمنها ويحط من قدرها أو يحملها ما هي في غنى عنه، والرابع: حرم السخرية والاستهزاء بالمؤمن، واحتقاره والانتقاص من كرامته وشرفه كما حرم ألقاب السوء المفضية إلى النزاع والقتال بين المؤمنين؛ لأنهم أمة واحدة. وهذا الخامس من النداءات: فقد حرم على المؤمن اجتناب كثير من الظن بإخوانه المؤمنين؛ إذ قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} أي يا من آمنتم بالله ربا، وبالإسلام دينا، ومحمد رسولا {اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ} ، وعلل لذلك الأمر بالاجتناب فقال:{إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} . وما دام بعضه إثما