اذكر أيها القارئ الكريم ما قد سبق أن عرفته وهو أن الله تعالى ينادى عباده المؤمنين به وبلقائه، وكتابه ورسوله لكمال حياتهم يناديهم ليأمرهم أو ينهاهم أو يبشرهم أو ينذرهم لأنهم أهل لأن يسمعوا ويطيعوا وها هو ذا سبحانه وتعالى ناداهم لينهاهم عن أمر خطير وهو خيانتهم له سبحانه وتعالى بان يظهر أحدهم الطاعة ويخفى المعصية، إذ هذا الوصف لا يليق بالمؤمن أبدا، وإنما هو وصف المنافقين؛ لذا نهاهم عنه وحذرهم أن يكون فيهم. كما نهاهم عن خيانة الأمانات التي يؤتمنون عليها وهى خاصة وعامة، فالخاصة هي ما يؤمن عليه المرء من أخيه كمال، أو سر من الأسرار، والعامة هي كل التكاليف الشرعية التي كلفنا الله تعالى بها حتى الغسل من الجنابة أمانة. وقوله:{وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} عظم جريمة الخيانة وآثارها السيئة على النفس والمجتمع معا.
وقوله تعالى في الآية الثانية:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} أعلمهم بما من شانه أن يكون السبب الحامل للعبد على خيانة أمانته أل وهو حب المال والولد، وهو حب فطرى إذا لم يقاومه العبد بالخوف من الله، وبمراقبته تعالى، لا يسلم من أذاه وفتنته كما قال تعالى:{أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} ، ومن شأن الفتنة أنها تصرف عن طاعة الله ورسوله