اذكر أيها القارئ الكريم أن هذا النداء الإلهي لعباده المؤمنين يحمل تحذيرا لهم وإنذارا من الوقوع في فتنة الكفر بعد الإيمان، والضلال بعد الهداية، بل والموت بعد الحياة، إذ الكافر ضال بكفره ميت، والعياذ بالله من الكفر بعد الإيمان، والموت بعد الحياة. إنه لم تمت تلك الهزيمة للمؤمنين في معركة أحد الخالدة، بسبب معصية بعضهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وما من حقهم أن يعصوه، وما عصوه كفرا به ولا استخفافا بطاعته، ولكن زين لهم الشيطان وحسنت لهم نفوسهم ترك المراكز الدفاعية التي أنزلهم الرسول بها وحذرهم من تركها ومغادرتها مهما كانت الظروف والأحوال، إلا أنهم لما شاهدوا العدو فارا منهزما وإخوانهم في صفوف القتال يجمعون الغنائم هبطوا من جبل الرماة وجروا وراء العدو يجمعون الغنائم كإخوانهم، وما إن أخلوا مراكزهم الدفاعية حتى مال إليها العدو واحتلها وسلط عليم وابل السهام والنبال فهزمهم، وفروا هاربين تاركين رسولهم، تسيل دماؤه، وهو يدعوهم: إلى عباد الله، إلى عباد الله. كما قال الله تعالى:{إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ} الأول: غم فوات النصر والغنيمة. والثاني: القتل وجراحات نبيهم صلى الله عليه وسلم إذ جرح في وجهه وكسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم، وهنا في هذه الحالة المحزنة المخيفة قال من قال من المنافقين، ارجعوا إلى دينكم وإخوانكم فلو كان محمد