للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القليلة التمتع بالطعام والشراب والكساء والراحة على الآخرة ذات النعيم العظيم والخالد الباقي، فكيف تؤثرون القليل الفاني على الكثير الباقي إن أمركم عجب، ثم وجه إليهم الأمر الموجب للخروج للجهاد لقتال بنى الأصفر _ الروم _، إذ عزموا على قتال الرسول وأتباعه فقال تعالى مهددا موعدا آمرا بالخروج حاثا حاظا عليه: {إِلاّ تَنْفِرُوا} أي تخليتم عن نصرة نبيكم وتركتموه يخرج إلى قتال الروم وحده مع قلة من أصحابه. فالجزاء سيكون عظيما: {يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً} أي موجعا لا يطاق لشدة ألمه ومرارة مذاقه. وأمر أخر هو أنه إذا أهلككم يستبدل بكم غيركم ممن ينصرون رسوله ويقاتلون معه إذ قال عز وجل: {وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً} أي من الضرر لأنه وليه وناصره {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فلا يعجزه إهلاككم واستبدالكم بغيركم، ونصرة نبيه إن كنتم تركتم نصرته.

هذا ولنعلم أيها القارئ الكريم والمستمع أن هذا النداء حمل حكما عاما للمسلمين في إي زمان ومكان، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، لذا فلنتأمل ما يلي:

١-الجهاد في سبيل الله تعالى من أفضل الأعمال وهو باق ما بقى من لا يعبد الله تعالى لقوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} ؛ أولا في جزيرة العرب ثم في كل أنحاء المعمورة؛ إذ أمة الإسلام نائبة عن نبيها في إبلاغ دعوته إلى العالم التي تحمل الهداية والطهر والسعادة والكمال للبشر أجمع.

٢-أن النفير والتعبئة العامة يقوم بها إمام المسلمين عندما تدعو الحاجة إلى ذلك لهذه الآية الكريمة في هذا النداء العظيم.

٣-الجهاد وهو من أفضل الأعمال يكون فرض عين ويكون فرض كفاية وفرض العين يكون في ثلاثة أحوال.

أ-أن يعلن الإمام التعبئة العامة والنفير العام كما في هذه الآية التي تضمنها النداء.

ب-أن يعين الإمام من شاء من المؤمنين، فيجب على من عينه أن يخرج للجهاد.

جـ-أن يداهم العدو أهل ثغر أو بلد على الحدود فعلى كل ذكر بالغ عاقل أن يدافع ويقاتل حتى يقهر العدو أو يصل المدد من إمام المسلمين وحكومته...

<<  <   >  >>