المؤمن إذا قال إلا ما كان صائبا صدقا نافعا غير ضار، هادفا مصيبا ذا أثر محمود. وقد عرفه بعضهم فقال: القول السديد هو لا إله إلا الله محمد رسول الله، وهو القصد الحق وهو الذي يوافق ظاهره باطنه، وهو ما أريد به وجه الله دون سواه، إذ القول السديد الذي أمر تعالى به عباده المؤمنين يشمل كل هذه التعريفات ويزيد.
واعلم أن الله تعالى جعل ثمرة تقوانا له وقولنا لبعضنا القول السديد إصلاح أعمالنا ومغفرة ذنوبنا وفى تحقيق هذين المطلبين سعادة الدارين، وسر ذلك أيها القارئ الكريم أن تقوى الله عز وجل كفيلة بتطهير النفس وتزكيتها، وسعادة الآخرة تتم بزكاة النفس وطهارتها إذ قال تعال:{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} ، ومعنى أفلح فاز والفوز هو النجاة من النار ودخول الجنان. كما أن القول السديد كفيل بإصلاح الأعمال الدنيوية من بيع وشراء وهدم وبناء، ونكاح وطلاق وسفر وإقامة، وإلى غير ذلك من أمور الحياة الدنيا الضرورية للإنسان فيها. فما أعظم إرشاد الله تعالى لأوليائه، وما أكرم الله تعالى على عباده المؤمنين إذ أمرهم بأمرين تقواه والقول السديد وجعل الجزاء أمرين إصلاح الأعمال ومغفرة الذنوب، وما بعد هذا المطلب من مطلب. وأخيرا زاد إنعامه وإفضاله على عباده المؤمنين إفضالا فقال:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} . أما طاعة الله وطاعة رسوله فإنها في الأمر والنهى والترغيب والترهيب وفى النفل والمكروه، وأما الفوز العظيم فهو سعادة الدارين؛ أما في الدنيا فهي الأمن ورغد العيش مع انشراح الصدر وطيب الخاطر، وهدوء البال والعز والكرامة الدائمة وأما في الآخرة فهي النجاة من النار ومواكبة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين إذ قال تعالى من سورة النساء:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً} . وفى ختام بيان هذا النداء أذكر لك أيها القارئ ما يزيد في تقواك ورضاك ما رواه بن أبى حاتم وذكره بن كثير في التفسير أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوما الظهر بأصحابه ثم أومأ إليهم أن اجلسوا فجلسوا ثم قال لهم:" أن الله أمرني بأمر أن آمركم أن تتقوا الله وتقولوا قولا سديدا، ثم أتى النساء فقال لهن: إن الله أمرني بأمر أن آمركن أن تتقين الله وتقلن قولا سديدا " فكان ختام هذا النداء كبداءته والحمد لله المتفضل على عباده.