للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِجَهَالَةٍ} أي خشية إصابة قوم بجهالة منكم {فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} أي فتصبحوا على فعلكم الخاطئ نادمين متأسفين.

وقوله تعالى: في الآية الثانية: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ} ، أي فاحذروا أن تكذبوا أو تقولوا باطلا فإن الوحي ينزل، وتفضحوا بكذبكم وباطلكم. وقوله تعالى: {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} أي لوقعتم في المشقة الشديدة والإثم أحيانا. وقوله تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} فوقاكم بذلك من أن تكذبوا على رسولكم أو تقترحوا عليه أو تفرضوا آرائكم فتؤذوه بذلك، وهذا الله تعالى بتحبيبه الإيمان إلى قلوبكم وتكريهه إليكم الكفر والفسوق والعصيان، وجعلكم من الراشدين، كفاكم بذلك خواطر السوء ورغبات الباطل فلم يبق مجالا للاقتراحات التي قد تسئ إليكم، وإلى جناب نبيكم صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ} أي الذين فعل بهم ما فعل من تحبيب الإيمان وتكريه الكفر والفسوق والعصيان إليهم، أولئك هم الراشدون أي السالكون سبيل الرشاد، وهم قطعا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كأبو بكر وعمر وعثمان وعلى غيرهم وكل من حبب الله إليه تعالى الإيمان من هذه الأمة وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان فهم من الراشدين أي السالكين سبيل الرشد المفضى بصاحبه أي سالكه إلى الطهر والصفاء والعز والكرامة في الدنيا. وإلى الجنة ورضا الله في الدار الآخرة.

وقوله تعالى: {فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً} أي هداية من هداهم الله إلى الإيمان والإسلام والإحسان فأحبوا الإيمان والإحسان وكرهوا الكفر والفسوق والعصيان وسلكوا سبيل الرشاد فسعدوا وكملوا، كل هذا قد أفضل الله تعالى به إفضالا وأنعم به إنعاما عليهم. {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} أي عليم بهم وبنيانهم وبواعث أنفسهم. حكيم في تدبيره لهم ولغيرهم، فها هم ذا سبحانه وتعالى أهل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن جاء بعدهم إلى يوم القيامة ممن أحبوا الإيمان وكرهوا الكفر والفسوق والعصيان أهلهم للخير وأضفاه عليهم، إلا أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلى الله تعالى شانهم وأعظم قدرهم لصحبتهم لرسوله صلى الله عليه وسلم. فهم أفضل الأمة على الإطلاق، ولا مطمع لأحد ممن يأتى بعدهم أن يفوقهم في الفضل والكمال لا في الدنيا ولا في الآخرة فرضى الله عنهم وأرضاهم. ورضى عنا معهم آمين.

وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

<<  <   >  >>