للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تزويجه فاطمة، وإعطاؤه الراية يوم خيبر، وآية النجوى.

وإليك شرح الآيتين اللتين حواهما هذا النداء الرحيم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} أي يا من آمنتم بالله ربا والإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ} أي إذا أردتم مناجاته {فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} أمرهم تعالى إذا أراد أحدهم أن يناجى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكلمه وحده أن يقدم صدقة أولا، ثم يطلب المناجاة. وكان هذا الأمر لصالح الفقراء أولا ثم للتخفيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ كل مؤمن يود أن يخلو برسول الله صلى الله عليه وسلم ويقرب منه ويكلمه. والرسول بشر لا يتسع لكل أحد فشرع الله تعالى هذه الصدقة وكان أكثرهم فقراء لا يجدون ما يتصدقون به. نسخ الله تعالى ذلك، ولم تدم مدة الوجوب أكثر من ليالى ونسخها تعالى.

وقوله تعالى: {ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ} أي تقديم الصدقة بين يدي المناجاة خير لكم حيث تعود الصدقة على الفقراء إخوانكم، وأطهر لنفوسكم، لأن النفس تزكو وتطهر بالعمل الصالح، وقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا} أي ما تقدمونه صدقة قبل المناجاة فناجوه صلى الله عليه وسلم، ولا حرج عليكم، وذلك لعدم وجود ما تتصدقون به، {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} لكم {رَحِيمٌ} بكم.

وقوله تعالى: {أَأَشْفَقْتُمْ} أي خفتم الفاقة والفقر على أنفسكم إن أنتم ألزمتم بالصدقة بين يدي كل مناجاة، وعليه {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} برفع هذا الواجب ونسخه، والرجوع بكم إلى عهد ما قبل وجوب الصدقة بين يدي مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم {فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} أي بأدائها مستوفاة الشروط، والأركان، والسنن والواجبات، وفى بيوت الله مع جماعة المسلمين، {وَآتُوا الزَّكَاةَ} الواجبة في أموالكم، وما فيه زكاة أنفسكم وطهارتها من سائر العبادات المزكية للنفس المطهرة للروح. هذا أولا.

وثانيا: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} صلى الله عليه وسلم في الأمر والنهى ما دام الأمر للوجوب والنهى للتحريم. فيكفيكم أداء هذه الواجبات عن الصدقة بين يدي المناجاة التي نسخها الله تعالى تخفيفا عليكم أيها المؤمنون ورحمة بكم لأنكم أولياؤه وهو وليكم ومولاكم، وقوله: {وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} وعليه فراقبوه فلا تفرطوا في طاعته وطاعة

<<  <   >  >>