للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا حزب الشيطان إذ طاعته للخمن وليس للشيطان فيها نصيب.

ثم ختم تعالى على البيان بهذا الإعلان فقل: {أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} . أي الفائزون بالنجاة من النار ودخول الجنة دار الأبرار، وحزب الشيطان وهم الكفرة والمشركون والفسقة والمجرمون هم الخاسرون حيث يخسرون أنفسهم وأهليهم يوم القيامة. إذ قال تعالى فيهم: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} .

والأن مع هذا النداء الإلهي إذ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} أي يا من أمنتم بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا {لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} أي لا تتولوهم بالنصرة والمودة. نهاهم الرب تبارك وتعالى عن موالاة اليهود بصورة خاصة إذ هم الذين غضب الله عليهم، وعلة غضب الله تعالى عليهم هي أنهم عرفوا الحق وأعرضوا عنه، وعرفوا ما حرم اله تعالى وفعلوه وعرفوا الهدى وتركوه واتبعوا الضلال والتزموه فهذه بعض موجبات غضب الله تعالى عليهم.

وقوله تعالى: {قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ} أي من السعادة فيها بدخول الجنة بعد النجاة من النار ويأسهم سببه ما عرفوه من التوراة والإنجيل من قضاء الله وحكمه فيهم وفى أمثالهم ممن عرفوا الحق وأعرضوا عنه، وعرفوا محاب الله وكرهوها، وعرفوا مساخط الله تعالى وأحبوها وأتوها وفعلوها، فلما غرقوا في خضم الجرائم والموبقات من الشرك والكفر واستباحة محارم الله يومها يئسوا من النجاة من النار ودخول الجنة. وشبه تعالى يأسهم بيأس الكفار من أصحاب القبور، هم الذين كفروا يعنى وماتوا على ذلك فإنهم يأسوا من دخول الجنة لأنهم ماتوا على الكفر. وكما يئس أصحاب القبور من العودة إلى الدنيا بعد موتهم وكما يئس أقرباؤهم من عودتهم إلى الحياة بعد موتهم إذ الكل يأس وقنوط. وهؤلاء اليهود المغضوب عليهم يئسوا من سعادة الآخرة بالنجاة من النار ودخول الجنة. كما يئس الكفار من أصحاب القبور، كما بيناه آنفا فاذمره، واستعذ بالله من غضبه وعقابه.

وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

<<  <   >  >>