للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولنعلم أيها المؤمن أن العبد إذا حمل هم تقوى الله حق تقاته فأصبح يذكر ولا ينسى، ويشكر ولا يكفر، ويطيع ولا يعصى، وذلك في أغلب أوقاته، وأكثر أحواله، فإنه بحمد الله تعالى يحقق المطلوب منه وهو أن يتقى الله حق تقاته في حدود طاقته البشرية وخوفه الإنساني.

واذكر أيها المؤمن أن تقوى الله عز وجل هي طاعته، وطاعة رسوله، بفعل الأوامر واجتناب النواهي في حدود الطاقة البشرية، إلا أن هذه الطاعة متوقفة على معرفة الأوامر وكيف تفعل، ومعرفة النواهي وبما تترك. وهنا يتعين طلب العلم وهو معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته معرفة تثمر حبه تعالى في القلب، وخشيته في النفس، ومعرفة أوامره ونواهيه، ومعرفة محابه ومكارهه، ليحب العبد ما يحب ربه ويكره ما يكره، وبهذه التقوى تتحقق للعبد ولاية الرب عز وجل ومتى ظفر العبد بهذا المطلب السامي؛ وهو ولاية الله تعالى فقد فاز بالسعادة في الدارين وتلك أمنية العاملين، وهدف الساعين، من المؤمنين.

كان هذا بيان تقوى الله حق تقاته، وأما بيان قوله تعالى: {وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} فإن الله تعالى لما أمرنا بتقواه حق التقوى، نهانا أن نموت على غير الإسلام، كاليهودية، أو النصرانية، أو غيرهما من الأديان الباطلة، وهل يملك المرء أن يموت على الإسلام أو غير الإسلام؟ والجواب: أن على العبد أن يسلم قلبه ووجهه لله تعالى، فلا يتقلب قلبه إلا في طاعة الله وطلب مرضاته، ولا يوجه وجهه راغبا وراهبا، إلا إلى الله عز وجل، ويستمر على ذلك، فإنه لا يموت إلا على تلك الحال وهى الإسلام، ومعنى هذا أن الاستمرار على طاعة الله ورسوله مع العزم على الموت على الإسلام سيؤدى قطعا بالعبد إلى أن يموت مسلما وكيف وهو يكره أن يعود إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار، وذلك لما يوجده الإيمان الصحيح الذي يرضى صاحبه أن يقتل ويصلب ويحرق ويمزق ولا يرضى أن يكفر بعد إيمانه وطاعته لربه وحصوله على رضاه.

فاذكر هذا أيها المؤمن وواصل طريق تقواك لله، فإنك ضامن أن لا تموت إلا على الإسلام بمشيئة الرحمن جل جلاله، وعظم سلطانه.

وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

<<  <   >  >>