الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ} أي الإسلام وشرائعه وأحكامه {هُزُواً ْ} يستهزئون به {وَلَعِباً} يلعبون به، وبين تعالى المستهزئين اللاعبين فقال:{مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} وهم اليهود والنصارى {وَالْكُفَّارَ} يعنى المشركين {أَوْلِيَاءَ} أي توالونهم بالحب والنصرة. ثم أمر تعالى عباده المؤمنين بتقواه وهى طاعته فيما أمر ونهى فيفعلون المأمور بحزم وجد، وينتهون عن المنهى، كذلك ومن جملة ما نهاهم عنه موالاة أهل الكتاب والمشركين وبخاصة الذين يستهزئون بالإسلام ويسخرون منه، ويضحكون ويلعبون، إذ موالاة هؤلاء الساخرين المستهزئين لا يسيغها عقل ولا دين. فكيف تصح إذا موالاتهم من أهل الإيمان، لذا قال الله تعالى في ختام الآية {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} . وفعلا هم مؤمنون؛ لذا فلا يصح منهم أبدا موالاة أعداء الإسلام المحاربين له الساخرين منه. وفى هذه الجملة المذيل بها الكلام {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ما يجعل حرمة موالاة هؤلاء الكافرين أعظم حرمة وأشدها، إذ موالاة الكافرين محرمة بآية قبل هذه كآية آل عمران:{لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} وآية المائدة قبل ذي {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} وفى الآية بعد ذي وهى قوله تعالى: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} ففي هذه الآية بيان استهزائهم ولعبهم بالدين، إذ الأذان دين وشرع بل هو أظهر الشرائع، وأعلى مقامات الدين، إذ به ترتفع كلمة التوحيد، والنبوة، ويدعى إلى أشرف عبادها وأزكاها وأكثرها تعبدا لله تعالى وهى الصلاة وإقامتها وفى قوله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} تقرير أن المستهزئ بالأذان، الضاحك منه، اللاعب به، يعتبر لا عقل له كالبهائم أو أشر وأضل.
إذ النداء إلى الصلاة بتلك الكلمات السامية الرفيعة الداعية إلى الفلاح بإقامة الصلاة لا يجهل معناها ولا يكرهها إلا من لا عقل له وصدق الله العظيم إذ قال ذلك؛ أي كان ذلك الاستهزاء والسخرية واللعب بالأذان بسبب أنهم قوم لا يعقلون وحقا إنهم لا يعقلون وصدق الله العظيم.
وأخيرا أيها القارئ الكريم إليك بيان حكم الأذان في الإسلام.
إن الأذان فرض كفاية في المدن والقرى، وسنة لجماعة تطلب غيرها، ومستحب