يعملون على جمع غير العرب عليها؟ أليس هذا عجباً من العجب وعبثاً من العبث؟!.
واجتمعتُ وقتذاك بالداعين إلى المشروع في جمعٍ من أعضاء هيئة التدريس وغيرهم من العلماء والدارسين. وتناقشنا طويلاً في هذا الموضوع وفي موضوع آخر كنتُ أراه جديراً بإِعادة النظر، يتصل بإِنشاء قسم دراسي للثقافة الإِسلامية، يَمَنَح المتخرجين فيه درجة علمية في هذا التخصص. ولم يكن اعتراضي على إنشاء هذا القسم، ولكنّ إعتراضي كان منصباً على أن هذا القسم ينبغي أن يظل قسمًا (أكاديمياً) على مستوى الجامعة كلها، يقوم بتدريس هذه المادة لطلبة الجامعة على اختلاف كلياتهم وتخصصاتهم، وليس قسمًا دراسياً يتخصص فيه بعض الطلبة ليُمنَحوا درجة جامعية في هذا التخصص. وانتهى بي الأمر إلى رفع مذكرة بوجهة نظري لوزير التعليم العالي في المملكة، ثم رأيت تعميمًا للانتفاع بما جاء فيها - إنْ كان - أن أضيفها إلى هذه الطبعة الرابعة من الكتاب.
والواقع أني ترددت طويلاً حين فكرت في نشرها، وتنازعتني عدة اعتبارات. فالمذكرة مذكرة خاصة شخصية وإن كان موضوعها عاماً لا يتصل بأشخاص. وخصوص المذكرة - من أحد وجهتي النظر - قد يكون سبيلاً إلى طعن من يبحثون عن مَطعَن بأن فيها تشهيراً بالجامعة، أو تطفلاً من أجنبي غرِيب يدس أنفه في شؤون لا تعنيه. عند ذاك قام في نفسي يقين واضح بأن عليَّ أن أنشرها, لأن اُلمسْلم في أي مكان من الأرض ليس أجنبياً ولا غريباً في وطن الإِسلام الأول ومنبعِ العربية التي حملها الإِسلام إلى كل بقاع الأرض، فنَسخَتْ لغاتهم الجاهلية.، وأنستهم إياها، بين بربرية وقبطية وسريانية ورومية. ثم إن الأمر لا يتعلق بدولة ولا بأشخاص، ولكنه يتعلق باللغة العربية وبالإِسلام، والارتباط بينهما وثيق لا ينفصم. فبالعربية نزل كتاب الإِسلام، وبالإِسلام عمَّت العربية وانتشرت وحُفِظت مما لحق غيرها من تحريف أو فناء. وزاد في وضوح هذا اليقين في نفسي أن الكتاب يؤرخ لبعض نواحي التغريب وآثاره في بلاد العرب بعد الحرب العالمية الثانية، وأن المذكرة مكملة لما كتبته في الفقرة السابقة عن (تطوير الدراسات اللغوية) في