للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

- ١ -

في التعليم العَام

لم يعد دعاة الشر يقنعون بالكلام في هذه الأيام، ولم يعد شرهم مقصوراً على محاولة نشر سمومهم بالدعاية لها. فقد انتقلوا الآن من مرحلة الكلام إلى مرحلة العمل، بعد أن نجحوا في التسلل إلى مناصب تمكنهم من أن يدسوا برامجهم ومناهجهم على المسؤولين من رؤسائهم وينفذوها في صمت. ودعاة الشر هؤلاء يعملون في ميادين كثيرة لا يكاد يخلو منهم ميدان. ولكن أخطر ما يكون إفسادهم إذا تسلل إلى ميدان التعليم. لذلك رأيت أن أكشف في هذا المقال عن بعض أساليبهم في هذا الباب.

كان الناس يناقشون الاختلاط، هل هو جائز أو غير جائز وهل هو مفيد أو ضار. وكانت تثيرهم فوضى الجنس التي يروجها القوصي في مطبوعات فرانكلين تحت ستار الدراسات النفسية. فإِذا هذا الاختلاط يصبح حقيقة واقعة بطريق ملتو خفي لم يكد يتنبه إليه أحد، بعد أن طالت المرحلة الابتدائية إلى ست سنوات يتجاور فيها الذكور والإِناث. ومن المعروف أن الإِناث في بلادنا يدخلن سن المراهقة في وقت مبكر لا يتجاوز السنة الحادية عشرة في كثير من الأحيان. بل لقد أصبحنا أمام بعض المدارس المختلطة في مرحلة التعليم الإِعدادي، بعد أن تكشفت تجربة الاختلاط في الجامعة عن مآسٍ لا يستطيع تجاهلها إلَّا مكابر أو مدلس. وأصبح هذا النظام ضرباً من ضروب الِإلزام لا يستطيع والد أن يفر منه أو يتفاداه, لأن عليه أن يختار بين


(*) نشرت في عدد شهري ربيع الآخر وجمادى الأولى سنة ١٣٧٨ من مجلة الأزهر.

<<  <   >  >>