للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

- ٢ -

في الجامعة*

حين كان شِقُّ اِلمقْراض يعمل عمله على هذا النحو في أوساط الناشئة والمتعلمين، كان الشق الآخر يمارِس ذلك العمل نفسه في إعداد معلم اللغة العربية ومعلم الدين. والواقع أن المحاولات المبذولة في أوساط المعلمين أسبق من نظيرتها المبذولة في أوساط النشء والمتعلمين. فمن الممكن إرجاعها إلى إنشاء كلية الاداب، بل إن من الممكن إرجاعَها إلى إنشاء "دار العلوم". ولقد عرف ذلك حق المعرفة أحدُ أبناء هذه الدار حين قال: (ثم جاء حمزة فتح الله وحفني ناصف والإِسكندري والعناني والجارم وضيف من رجال دار العلوم، فألفوا في الأدب والعلوم العربية مع الاقتباس من مناهج الغرب في نظام التأليف. ويعتبر هؤلاء رجال المرحلة الوسطى التي مهدت لمرحلة الجامعة ورجالها) (١). ومع ما أعلمه من أن بيان هذا الإِجمال شديد الصلة بموضوعنا فإِني أخشى أن يتشعب بنا الحديث ويطول حتى ينسينا ما نحن فيه. لذلك أدع تفصيل هذا الِإجمال لموضع آخر قد أعود للحديث عنه مع غيره من الخطط والأساليب التي استهدف بها الإِنجليز إضعاف (الأزهر) , لأنه كان يصبغ التعليم بالصبغهَ الإِسلامية في مصر، بل في البلاد الإِسلامية بعامة والعربية بخاصة، وذلك بمحاصرته وعزله عن الحياة وسد أبواب الرزق أمام المتخرجين فيه وحصرها في باب واحد هو خدمة المساجد.


(*) نشرت في عدد جمادي الآخرة سنة ١٣٧٨ من مجلة الأزهر.
(١) الثقافة الإِسلامة والحياة المعاصرة ص ٥٤٢ من مقال مُحَمَّدْ خلف الله عن "القيم الإِسلامية والحياة الأدبية في مصر الحديثة".

<<  <   >  >>