للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

-٢ -

في الكتبِ المترجمَةِ*

تقوم اللجنة الثقافية بجامعة الدول العربية على ترجمة عدد من الكتب الأوربية والأمريكية إلى العربية وتنفق على طبعها ونشرها. فما هي الصفات والميزات التي تتوخاها اللجنة فيما تختاره للترجمة من هذه الكتب؟ لا شك في أن الميزة التي ينبغي أن تراعى في اختيار هذه الكتب هي مصلحة العرب. وذلك باستكمال ما ينقصهم وتدارك ما فاتهم مما سبق إليه غيرهم، فكان سبقه فيه سبب تفوقه وسيادته، وكان تخلفنا فيه سبب ضعفنا واستعبادنا. ولا شك في أن العرب أنفسهم هم أقدر الناس على إدراك ما يصلحهم وهم أحرص الناس عليه. فليس من المعقول مثلًا أن نكل أمر هذا الاختيار إلى إحدى دول الاستعباد الغربي مثل أمريكا أو إنجلترا أو فرنسا أو أسبانيا أو هولندا أو بلجيكا، ثم نطمع أن يرشد خبراؤهم العرب مخلصين إلى ما ينفعهم، وما يترتب عليه استغناؤهم عن خبرائهم، واستقلالهُم باستغلال خيراتهم، وخرابُ ما يعيث في بلادهم من شركات، وبوارُ ما يروج في أسواقهم من المنتجات الصناعية على اختلافها، وانقطاعُ ما تنتفخ به جيوبهم وبطونهم من بنزول هذه البلاد وخيراتها المعدنية والزراعية.

ومن الواضح أني حين أتكلم عن الغرب أعني الغرب كله، غربيَّة وشرقيَّة، الذين استغلونا واستعبدونا في الأمس الغابر ولا يزالون، والذين


(*) نشرت في العدد الأخير من سنة ١٣٧٧ والعدد الأول من سنة ١٣٧٨ في مجلة الأزهر. وقد حجبت الجامعة الكتاب وجمعته من الأسواق بعد صدور هذا المقال.

<<  <   >  >>