يطمعون في استغلالنا واستبعادنا في الغد القريب أو البعيد، والذين يغزون أسواقنا ويغزون عقائدنا. من الواضح أنهم جميعاً سواء، وإنما يبدو حديثي في معظمه موجهاً إلى فريق منهم دون فريق, لأن ذلك الفريق - والمقصود به هو المعسكر الأمريكي وحلفاؤه من الإِنجليز والفرنسيين خاصة - يمثل الخطر الراهن الماثل، ولأن عملاء هذا المعسكر هم أقدم السماسرة وأعرقهم في هذه الحرفة الدنيئة، وقد رشحهم هذا القدم وهذه العراقة - بعون سادتهم وتضامن عصابتهم - لاحتلال كثير من المراكز الخطيرة في حصوننا. ونحن حين نوجه النظر إلى الخطر الراهن الماثل لا ينبغي أن نغفل عن الخط المتربص الذي يتحين الفرص. ولهذا الخطر المتربص سماسرة من نوع آخر لا أحتاج لأن أكشف القناع عن وجوههم لأنهم غير معنَّعين.
ونعود لما كنا فيه فنقول: إن من غير المعقول أن تُخْلِص دولة من دول الاستعباد فيما تنصح به للعرب من اختيار النافع من الكتب، الذي يؤدي إلى نهضة حقيقية. وليس من الإِنصاف أن نؤاخذهم على التقصير في ذلك أو الغش فيه، فلا ينبغىِ أن نتوقع منهم أن يخربوا بيوتهم بأيديهم، وأن يضعوا رقابهم في حبال المشانق طائعين مختارين. العرب وحدهم هم الأمناء على مصالحهم، لا يصلح للقيام عليها سواهم ولا يؤتمن على هذه الأمانة غيرهم. فاختيار الكتب التي نترجمها إلى العربية يجب أن يوكل إلى علماء العرب وحدهم. تلك كلها من المسلَّمات التي لم أكن أحتاج لأن أفصِّل القول فيها، لولا أن هذا الذي يبدو في عقول كل الناس من الحقائق الواضحة التي تبلغ درجة المسلَّمات لم يكن يبدو كذلك في عقول المشرفين على التوجيه الثقافي لجامعة الدول العربية. هل يعقل عاقل منصف أن يلجأ العرب إلى السفارة الأمريكية مثلاً لتختار لهم ما تراه نافعاً للعرب ومحققاً لنهضتهم، ومعيناً على طرد اليهود وإجلائهم؛ وتصفية شركات البترول وخرابها؟ لقد فعلت اللجنة الثقافية بجامعة الدول العربية ذلك! استوحت السفارة الأمريكية في بعض ما اختارته مما ترجمته، واستوحت اليونسكو في بعضه الآخر. وهي نفسها تعترف بذلك حيث تقول في نشرتها الثقافية التي عرضت فيها نشاطها بين سنتي ١٩٤٦ - ١٩٥٦) كذلك أتفقت الِإدارة الثقافية بعد موافقة المكتب