للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الدائم على أن تتولى نشر بعض الكتب الهامة المترجمة بمعرفة القسم الثقافي بالسفارة الأمريكية. وقد قُدِّمت فعلاً إلى الطبع على هذا الأساس أصول كتاب مترجم إلى العربية، ويشتمل على مقالات للكاتب الأمريكي الكبير إيمرسون - ص ٢٥) (١). وتقول كذلك: (اتصلت الإِدارة الثقافية ببعض الهيئات العالمية المختصة (٢)، وحصلت منها على كشوف بأسماء الكتب التي تراها تلك الهيئات داخلة في إطار هذا البرنامج). وسوف أعرض في هذا المقال نموذجين من هذه السموم التي تدس على العرب باسم جامعتهم في كتابين، أحدهما مما أوحت به السفارة الأمريكية وهو (مختارات من إمرسون)، والآخر مما أوصت به اليونسكو وهو (قصة الحضارة) لوِلْ ديورانت. وقبل أن أتناوت هذين الكتابين أحب أن أؤكد لجامعة الدول العربية وللجنتها الثقافية الموقرة التي يرأسها طه حسين أن الجرب لم يُغلَبوا من ضعف في الفلسفة ولا الآداب ولا التاريخ. ولكنهم غُلبوا وضربت عليهم الذلة لأنهم متخلفون في العلوم التجريبية المادية بكل فروعها الكيميائية والطبيعية والميكانيكية، النظرية منها والتطبيقية. غَلبوا لأنهم لا يملكون من المصانع ومن أدوات القتال ما يناهضون به عدوهم وما يتحررون به من سجنه الاقتصادي، الذي يسخّرهم فيه لجمع الثروات له كما يسخَّر العبيد ثم يحاربهم بهذه الثروات نفسها، ويشتري بها من رجالهم من يقوم على حراسة هذا السجن الكبير، فيقيم فيه معبداً يسبِّح كهنتهُ بحمد آلهتهم التي يعبدونها من دون الله. وينكل بالذين ينبِّهون النائمين والغافلين والمخدوعين، أو يطاردهم بالإِشاعات الكاذبة والأضاليل الباطلة حتى يُلَبِّس على الناس أمرَهم ويجعلهم موضع السخرية والاستهزاء.

إن الجماعات البشرية في الدول والحكومات، والجيوشَ في ميادين القتال، والفرقَ الرياضية في الساحات، يتميز نفسها بمختلف الشارات، فتتخذ الأعلام


(١) طبعت اللجنة بعد ذلك كتابين مما أوحت به السفارة الأمريكية. وهما (الثقافة والحرية) لجون ديوي، الذي أفسد المتأمركون تربية شبابنا باسمه، و (انتصار الحضارة) لبرستد الذي أوفده المليونير اليهودي المتستر تحت النصرانية روكفلر في سنة ١٩٢٦ ليعرض على مصر عشرة ملايين من الدولارات لتأسيس معهد للدراسات الفرعونية يعين على سلخ مصر من عروبتها.
(٢) المقصود بها هيئة اليونسكو التي يسيطر عليها - كما هو الشأن في أكثر مؤسسات الأمم المتحدة - الصهيونية العالمية الهدَّامة.

<<  <   >  >>