تأمر هاتان الآيتان الرجل والمرأة كليهما بغضّ البصر عند رؤية أحدهما للآخر. وتردف الأمر بالمحافظة على العفاف مع الأمر بغض البصر، كأن النظر هو سبيل التفريط في العفة, ثم هي تأمر المرأة بأن تحرص على ستر مواضع الفتنة والأنوثة منها وعدم إفشائها بأدوات الزينة والتجميل المختلفة أو الثياب الضيقة أو الشفافة أو الحركات الخليعة التي تذيع صوت ما تتحلى به من حلي، كما تأمرها أن تغطي رأسها بالخمار وأن تضرب بفضوله على صدرها ليستر فتحة ثوبها. ولا تبيح الآيتان للمرأة أن تتخلى عن هذا الحجاب إلا في حضرة الذين لا تثيرهم مفاتنها من المحارم أو الأطفال الذين لم يبلغوا الُحلُم أو ناقصي الذكورة من التَبَع والخدَم الذين لا أَرَبَ لهم في النساء. وتكشف الآية الأولى عن الحكمة فيما تطلب إلى المؤمنين من غض الأبصار، فتقول إنه ادعَى إلى تزكية النفس وتطهيرها، والسمو بها عن مواطن الدنس. وتقول للمرتابين في صدق هذا الأمر وحكمته: إن الله أخبرُ بطبائع خلقه وبمذاهبهم فيما يصنعون من أنفسهم. وتختم الآيتان هذه الحدود المرسومة بدعوة المؤمنين جميعاً إلى أن يعودوا إلى طريق الله بعد أن نأت بهم عنه الشهوات ودعوات المضللين, لأن التزام طريق الله هو سبيل الفلاح والنجاح.